ولا شك أن الذكر جاءت قد جملة من الأدلة التي تدل على استحبابه بصفة عامة، وفي هذه الأيام على وجه الخصوص، فمن فضل الذكر ما ذكر في كتاب الله سبحانه {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب:٣٥] وما أخرجه مسلم في صحيحه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فمروا على جبل يقال له: جمدان فقال: سيروا هذا جمدان سبق المفردون، قالوا: ومن المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات).
وقد ورد حديث آخر في مستدرك الحاكم بسند ظاهره الصحة وإن كان فيه نزاع، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أولا أدلكم على خير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق؟ (قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: ذكر الله).
ويكفي في فضل الذكر أن نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يعينه بأخيه هارون، فقال:{كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا}[طه:٣٣ - ٣٥] فالعلة هنا ذكرها نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام قال: {كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا}[طه:٣٣ - ٣٥].
ويكفي أن زكريا عليه السلام مع كونه منع من الكلام كدليل على أن امرأته حملت، لكنه لم يمنع من الذكر، قال الله سبحانه وتعالى: على لسان زكريا {رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً}[آل عمران:٤١] أي: علامة على حمل زوجتي {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا}[آل عمران:٤١] ومع هذا الامتناع {وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ}[آل عمران:٤١].