قال الله:{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ}[الحج:٣٢] وشعائر الله: أعلام الدين الظاهرة، فكل ظاهر من ديننا فهو شعيرة من شعائر الله، فالصلاة شعيرة، والذبح شعيرة، والطواف بالبيت شعيرة، والسعي بين الصفا والمروة شعيرة، وإشعار البدن شعيرة، وكل ما هو ظاهر في ديننا ومن أعمال ديننا فهو شعيرة من شعائر الله، فإشعار البدن وتقليدها شعيرة من الشعائر، {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ * وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا}[الحج:٣٢ - ٣٤] لكل أمة من الأمم جعلنا مكاناً وزماناً للتقرب فيه إلى الله، ولكل أمة جعلنا عيداً تتقرب فيه إلى الله، فالمنسك يطلق على هذا كله، على المكان، وعلى الزمان، {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا}[الحج:٣٤] أي: عيداً ومكاناً وزماناً للعبادة تتقرب فيه إلى الله.
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ}[الحج:٣٤] فالمناسك والمواقيت جعلت لتعظيم أوامر الله، وللإكثار من ذكره تعالى، كما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:(إنما جُعل الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار، لإقامة ذكر الله عز وجل)، فهذه العبادات شُرعت فيما شُرعت له، وهذه الأماكن حددت فيما حددت له؛ للإكثار من ذكر الله عز وجل {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[الحج:٣٤ - ٣٦] والبدن هنا هي: الإبل.
(صواف) أي: قائمة على ثلاثة أرجل معقولة الرجل الرابعة اليسرى، وهكذا تنحر.