[حكم تبييت النية لصيام رمضان]
السؤال
هل يجب تبييت النية من الليل لصيام شهر رمضان، أم أن هذا ليس بواجب؟
الجواب
جمهور أهل العلم على إيجاب تبييت النية لصيام شهر رمضان، وعليه فإذا لم تنو الصيام من الليل ثم طلع عليك نهار أول يوم في رمضان ولم تكن نويت من الليل، فصومك ليس بمحتسب، لكنك تتم صيام اليوم توقيراً لهذا الشهر الكريم، ثم بعد ذلك تعيد يوماً مكانه لكونك لم تنو الصيام من الليل.
وهذا يختلف عن صوم النفل، فصوم النفل يذهب جمهور العلماء: إلى أنه يجوز أن تنعقد النية من النهار؛ وذلك لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه دخل على عائشة رضي الله تعالى عنها ذات يوم، فقال: (هل عندكم شيء؟ قالت: فقلنا: لا، قال: فإني إذاً صائم، قالت: ثم أتانا يوماً آخر، فقلنا: يا رسول الله! أهدي لنا حيسٌ، فقال: أرنيه فلقد أصبحت صائماً، فأكل صلى الله عليه وسلم)، فبهذا استدل جمهور العلماء على أن صوم النفل يجوز فيه عقد النية من النهار.
ومن العلماء من قال: إن النية يجوز عقدها من الصباح إلى الزوال، أي: إلى قبيل الظهر بنصف ساعة تقريباً.
ومنهم من قال: ما دمت لم تأكل ولم تشرب -وهذا كما بينا في صيام النفل- فيجوز لك أن تعقد النية حتى ولو بعد الزوال.
أما في شهر رمضان -فكما أسلفنا- فيلزم تبييت النية من الليل، هذا وقد ورد في هذا الباب حديث أم المؤمنين حفصة رضي الله تعالى عنها، ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا صيام لمن لم يبيت النية)، وأهل العلم في هذا الحديث بين مصحح ومضعّف، وأكثر العلماء الأولين على تضعيفه، وجعله موقوفاً على حفصة رضي الله عنها من كلامها وليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وعليه: فحديث: (لا صيام لمن لم يبيّت النية) الذي احتج به من احتج على لزوم تبييت النية من الليل في التطوع، ليس بثابت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هذا وقد وردت في هذا الباب جملةٌ من الآثار عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: منها: حديث أم الدرداء رضي الله عنها: (أن أبا الدرداء كان يجيء بعدما يصبح فيقول: أعندكم غداء؟ فإن لم يجده قال: فأنا إذاً صائم).
وكذا ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أنه كان يصبح حتى يُظهِر، ثم يقول: والله لقد أصبحت وما أريد الصوم، وما أكلت من طعام ولا شراب منذ اليوم، ولأصومن يومي هذا).
وأيضاً ورد عن أبي طلحة رضي الله عنه: (أنه كان يأتي أهله من الضحى فيقول: هل عندكم غداء؟ فإن قالوا: لا، صام ذلك اليوم).
فهذا محله -كما بينا- في صيام النفل.
فعليه: يجوز في صيام النفل ما لا يجوز في صيام الفرض، وذلك من جواز عقد النية في النهار بالنسبة للشخص إذا لم يأكل وأراد الصيام.