[من صفات عباد الرحمن القول الطيب الحسن والعفو والصفح]
قال تعالى:{الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً}[الفرقان:٦٣]: فكم من جاهل؟!! فالله جَبَلَ الخلق على أخلاق شتى كما قال:{وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً}[نوح:١٤]، فمنهم كريم الأخلاق، ومنهم بذيء الأخلاق، سيئ الصفات، هكذا جُبِل الخلق، {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}[الليل:٤].
فعباد الرحمن إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً، أي: قالوا قولاً مهدئاً، قولاً مؤمِّناً، قولاً طيباً، لا يقابلون الإساءة بالإساءة، وإنما من شيمهم العفو والصفح كما أمرهم ربهم، وكما علمهم ربهم إذ قال:{وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}[فصلت:٣٤ - ٣٥].
فهؤلاء عباد الرحمن لا توقفهم البذاءات، ولا يقفون عندها منتصرين لأنفسهم، إنما كما وصفهم ربهم:{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}[القصص:٥٥].
قال الله سبحانه وتعالى:{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً}[الفرقان:٦٣] فهذا سيرهم في النهار، وهذا حالهم في المشي بين الناس، مشيٌ يحمل التواضع، يحمل الانكسار لله سبحانه وتعالى ولخلقه، عرفوا وأدركوا تماماً قدر أنفسهم، وأنهم مُقْدِمون على يوم تشخص فيه الأبصار لله رب العباد.