للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيفية الطواف المشروع]

السؤال

ما هي صفة الطواف المشروعة؟

الجواب

تبتدئ طوافك بالحجر الأسود، فإن استطعت أن تقبله وأن تستلمه قبلته واستلمته؛ إذ هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تبدأ بالطواف، وإن لم تستطع أشرت إليه مكبراً ثم بدأت في الطواف، ولا يشرع لك أن تزاحم الناس؛ إذ أذى المسملين لا يجوز لك، ورب العزة قال: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦]، وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:١٦]، ثم تبدأ بالطواف، وليست هناك أذكار مخصوصة بالطواف كما يفعل بعض الناس، وإنما الذي ورد هو أن يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: (اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)، وإن كان في إسناده بعض الضعف اليسير، إلا أن من أهل العلم من يعمل به لكونه في فضائل الأعمال، والأكثرون من العلماء على ذلك في هذا الباب أي: على قول: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) بين الركن اليماني والحجر الأسود، أما سائر الأركان فأنت مخير فيها بين الدعاء فتدعو الله تعالى بما شئت، أو تذكره بما شئت، أو تتلو كتابه كيف شئت، أو تصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم كيف تشاء، فلا دليل يلزم بشيء معين، والله تعالى أعلم.

وأما الملتزم وهو المكان الذي بين الحجر الأسود وباب الكعبة، ويقارب متراً ونصف المتر على وجه التقريب فيسن عنده الدعاء ويشرع، وأما ما ورد من أن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يلصقون صدورهم وخدودهم بالملتزم فإسناده فيه ضعف، وبالله تعالى التوفيق.

فالحاصل أنك تبدأ الطواف بتقبيل الحجر الأسود واستلامه، فإن لم تستطع أشرت إليه بشيء معك أو بيدك وكبرت، ثم تبدأ الثلاثة الأشواط الأولى بالرمل، والرمل: المشي السريع المتتابع، مع الاضطباع، والاضطباع: أن تكون كاشفاً عن كتفك الأيمن مغطياً كتفك الأيسر، وكلما مررت بالركن اليماني استلمته إن استطعت، فإن لم تستطع استلامه فلا تشير إلى الركن اليماني.

فإذا انتهت الأشواط الثلاثة الأولى رجعت عن اضطباعك، وتوقفت عن الرمل، وسرت سيراً كسائر سيرك حول الكعبة، فتدعو ربك عز وجل بما شئت، واحذر أن تتسلل من الفتحة التي هي بين الحِجْر وبين الكعبة، وذلك لأن الحِجْر يعد من الكعبة، وقصة الحجر أن مشركي قريش لما أرادوا بناء الكعبة أرادوا ألا يدخلوا فيها مالاً من الحرام فقالوا: لا ندخل فيها مهر بغي، ولا ربا، ولا حلوان الكاهن، ولا شيئاً من الأموال المحرمة، فقصرت بهم النفقة الحلال أن يبنوا الكعبة على قواعد إبراهيم عليه السلام، فبنوا الكعبة على نحو مما هي عليه الآن، والذي لم يستطيعوا بناءه منها أحاطوا عليه بهذا القوس الذي هو الحِجْر، فلا يجوز لك أن تتسلل من الفتحة التي بين الكعبة والحجر وتخرج مختصراً على نفسك الطريق، بل لزامٌ عليك أن تطوف حول هذا القوس الذي هو الحِجْر؛ إذ هو من الكعبة، والله تبارك وتعالى أعلم.