احفظوا هذه الجوارح، فأنتم ستسألون عنها يوم القيامة، يقول الله:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء:٣٦]، فأنت مسئولٌ عن سمعك وعن بصرك وعن فؤادك كذلك، فسوف تسأل عن سمعك، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:(من تسمع إلى قوم وهم له كارهون صُبّ في أذنيه الآنك يوم القيامة)، والآنك: هو الرصاص المنصهر، والبصر أنت مسئولٌ عنه كذلك، ومن ثم جاءت أوامر الله لنا بغض البصر، قال تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ} قل يا محمد، لمن تبعك وصدقك، فأتباعك هم محل الخطاب، وهم الذين يندفعون للتذكير، ماذا تقول لهم؟ {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} هكذا أمر الله نبيه أن يأمرنا بهذا الأمر، {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى} أي: أطهر لهم، {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[النور:٣٠]، هكذا أمر الله نبيه محمداً أن يأمرنا بغض البصر، وقال تعالى:{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}[غافر:١٩]، وخائنة الأعين: هي النظرة الحرام إلى المرأة أو الأمرد وإن لم يعلمها البشر، فإن ربك سبحانه يعملها، وقد سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن نظر الفجاءة، فقال:(اصرف بصرك)، وقال:(إنما جعل الاستئذان من أجل البصر)، وفي حديث في إسناده نوع كلام علي بن أبي طالب وقد حسنه فريق من أهل العلم:(يا علي! لا تتبع النظر النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة)، أي: النظرة التي تصدر منك عفواً لست بمؤاخذ عليها، إنما النظرة التي تتعمدها فأنت عليها محاسب ومسئولٌ أمام الله، وقد أحسن الشاعر إذ قال: كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر كم من نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر وقال الآخر: يا رامياً بسهام اللحظ مجتهدا أنت القتيل بما ترمي فلا تصب وقال أيضاً: ترجو الشفاء بأحداق بها عطب فهل سمعت ببرء جاء من عطب