{وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[يوسف:٦٢] أمر يوسف صلى الله عليه وسلم الفتيان أن يجعلوا البضاعة في الرحال لغرضين: الغرض الأول: أن القوم قد لا تكون عندهم أموال يأتون بها إلى مصر مرة ثانية لشراء الطعام، فإذا وجدوا البضاعة ردت إليهم، أسرعوا في المجيء.
الوجه الثاني: الاستهلال بذلك عند أبيهم على كرم يوسف ونبل أخلاقه صلى الله عليه وسلم، وهذا من الحيل المشروعة، والحيل على قسمين: الأول: حيل محرمة مذمومة كتلك التي صنعها الإسرائيليون إذ اعتدوا في السبت كما حكى الله صنيعهم في قوله: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ}[الأعراف:١٦٣].
والثاني: حيل مشروعة: كتلك التي ذكرها الله سبحانه في شأن نبيه أيوب عليه السلام: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا}[ص:٤٤]، ومن الحيل المشروعة كذلك: التعريض بالخطبة للمتوفى عنها زوجها وهي في عدتها؛ وذلك لقوله تعالى:{وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ}[البقرة:٢٣٥].
الشاهد: أن يوسف قال عليه السلام: {اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ}[يوسف:٦٢](وانقلبوا) معناه: رجعوا، ومنه قوله تعالى:{وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ}[المطففين:٣١] لماذا؟: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[يوسف:٦٢].