فيا معشر الإخوة: من كان له قريب عزيز عليه فليذكره بتقوى الله، وليرده إلى طريق الله سبحانه، فوالله! مهما مات من إخوان فالحزن كل الحزن على من مات مفرطاً في جنب الله، فيقول يوم القيامة:{يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[الزمر:٥٦ - ٥٧]، أو يقول حين يرى العذاب:{لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الزمر:٥٨]، هذا هو الذي يبكى عليه، والعياذ بالله.
فيا معشر الإخوة: قوا أنفسكم وإخوانكم من النار، واحذروا مما يقرب إليها من قول وعمل، فدنياكم مهما تكالبتم فيها ومهما تصارعتم فيها؛ فأمرها إلى قلٍ، وأمرها إلى زوال، وأمرها إلى فناء.
فيا معشر الإخوة: أحسنوا العمل، وأخلصوا النوايا لله، وطهروا القلوب، واستعدوا للرحيل فقد أزف، فالغالب منكم مضى من عمره النصف على الأقل، وقد قال نبيكم محمد عليه الصلاة والسلام:(أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين وقليل من يتجاوز ذلك)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وماذا ينتظر أحدكم إلا ما قال الشاعر: يسر الفتى طول السلامة والبقا فكيف يرى طول السلامة يفعل يرد الفتى بعد اعتدال وصحة ينوء إذا ما رام القيام ويعمل وأحسن من ذلك قوله تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ}[يس:٦٨]، وقد كان نبيكم محمد يتعوذ بالله من أن يرد إلى أرذل العمر فصلوات الله وتسليماته عليه.
فاعلموا أنكم على الغد القريب سيكون حالكم كحالهم، فمغلقة عليكم أبواب المقابر كما تغلقونها على الناس، ومغسلون ومكفنون ومصلىً عليكم كما تصلون على الناس.
اللهم! انصر الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واختم لنا جميعاً بخاتمة خير أجمعين، يا رب العالمين! اللهم! ارحم علماء المسلمين يا رب العالمين! نور لهم في قبورهم، ووسع لهم فيها يا أرحم الراحمين! وخذ بنواصينا إلى الخير، واجعلنا من المتذكرين المعتبرين.