إذاً فتعليقه بالسّبب الذي من العبد ليس هو بحث في الصفات البحث المراد، إنما المُرَاد أنَّهُ يتّصف الله - عز وجل - بهذه الصفة إذا شاء سبحانه وتعالى، إذا شاء سبحانه وتعالى فإنَّهُ يتصف بها؛ يعني إذا أراد الله - عز وجل - أن يغضب غَضِبْ، وقد لا يغضب، فلا يلزم من وقوع الشيء الذي يغضب عليه الله - عز وجل - أن يغضب سبحانه وتعالى بل قد يغضب وقد لا يغضب، وإذا وقع ما يرضى عنه - عز وجل - فإنَّ رضاه سبحانه وتعالى متعلق بمشيئته وقدرته.
أما الأسباب من العبد فهذه في الجميع.
س٣/ هذا يقول: صفة الغضب والرضا كصفة الكلام قديمة الأصل متجددة الآحاد، هل يقال بهذا؟
ج/ الكلام يختلف عن صفة الغضب والرضا، كلام الله - عز وجل - منه الكلام الكوني الذي به تُكُونْ المخلوقات، فالله - عز وجل - خلق الماء بكلامه الكوني، وخلق العرش بكلامه الكوني - عز وجل -، وخلق الهواء بكلامه الكوني، وخلق القلم بكلامه الكوني، وخلق اللوح المحفوظ بكلامه الكوني، خلق السموات والأرض ومن فيها من المكلفين وما فيها من المخلوقات ومن يغضب عليه ويرضى عليه بكلامه الكوني.
الغضب والرضا صفةٌ فعلية تقوم بمشيئته - عز وجل - وبقدرته، أما أنَّهُا كالكلام في هذا فلا أعلم هذا ممن قرره أهل العلم بأنَّهُا قديمة النوع حادثة الآحاد، أنا لا اعلمه ممكن نبحثها زيادة أو يبحثها أحد الإخوان ويفيدنا فيها.
شيخ الإسلام له رسالة مستقلة ترى في المسألة ممكن إني أُرَاجِعْهَا، اللي هي رسالة في الصفات الاختيارية، [.......] تعرفونها؟ ليست في الفتاوى، مستقلة في مجموعة الرسائل التي طبعها الدكتور محمد رشاد سالم رحمه الله، أول رسالة فيه رسالة في الصفات الاختيارية وبحث كل هذا، يمكن مراجعتها ونجدد المعلومة في الدرس القادم إن شاء الله.
س٦/ يقول: نرجو من فضيلتكم -وتقرأه على ما هو عليه- التعليق على هذه الكلمة، إلى آخره.
ج/ الكلمة أعرفها، وأعرف من قالها وهذه الطريقة في الأسئلة أنا لا أحبها من قديم، الواحد لا يأتي يعني يأخذ المتكلم أو يأخذ الشيخ أو المعلم يسأله عن كلمة لا يُعْرَفْ.
هُوَ ربما لا يَعْرِفْ من قالها، ثُمَّ يُقَال أنَّ فلان يقول في الشيخ الفلاني كذا وكذا، هذه كلمة معروفة يعني أُثِيْرَتْ هذه الأيام، لهذا ينبغي أن يكون السؤال واضحاً حتى يكون الجواب واضحاً.
المقصود أنَّ كون الأشاعرة من أهل السنة والجماعة أم لا، فبعض علماء الحنابلة المتأخرين أو أكثر المتأخرين ممن صَنَّفُوا في عقيدة السلف وهم لم يُحَقِّقُوا في هذا الأمر عَدّوا أهل السنة والجماعة ثلاثة فئات:
أهل الحديث والأثر، والأشاعرة، والماتريدية.
مثل ما فعلها السَّفَاريني وفعله أيضاً غيره، وهذه مشت على كثيرين وتبنَّاهَا أخيراً بعض الجماعات الإسلامية وَوَسَّعُوا الكلام فيها كما هو معلوم.
ولكن في الحقيقة كلمة أهل السنة نعم، الجميع من أهل السنة ولاشك؛ لأنَّهُم جميعا يحتجون بالسنة ويؤمنون بها إلى آخره؛ لكن كلمة الجماعة كُلٌّ يدعيها، فالأشاعرة يقولون نحن أهل السنة والجماعة، الماتريدية يقولون نحن أهل السنة والجماعة، وربما لا يُفَرَّقْ بينهما فالجميع يقولون أهل السنة والجماعة يعنون الأشاعرة والمارتريدية، وأهل الحديث والأثر يقولون نحن أهل السنة والجماعة إلخ..
لكن إذا نظرت للحقيقة، كُلٌ يَدَّعِي وَصْلَاً بالجماعة؛ لكن هل يصح ادِّعَاؤُهُ أم لا يصح؟
كلمة (الجماعة) هنا معناه الذي لم يُفَرِّقْ في الدين، ما كانت عليه الجماعة الأولى وهم الصحابة والتابعون، فهل أقوال هؤلاء فَرَّقَتْ في الدين، وهل هي على ما كان عليه الأوائل أم لا؟
إذا أتى الجواب جاءت النتيجة، فإذا كان فعلاً هم على ما كان عليه الأوائل؛ يعني الأشاعرة ونحوهم وبعض الفرق الموجودة الآن والجماعات الإسلامية وغيرها، إذا كانوا على ما كان عليه السلف فحافظوا على الجماعة الأولى ممن لم يُفَرِّقُوا بين دليل ودليل خاصة في الأمور الغيبية في مسائل العقيدة، ولم ينفوا شيئاً بل أثبتوا كما أثبت الله - عز وجل -، فإنَّ هؤلاء من الجماعة، لكن إذا كانوا يُفَرِّقُونَ ويَتَأَوَّلُون ويَتَعَرَّضُون للغيبيات بما يتعرضون له؛ بل يخالفون في معنى كلمة التوحيد، في أول واجب، وفي الإيمان يخالفون وفي القدر يخالفون، وفي الصفات يخالفون، وفي مسائل أُخَرْ أيضاً في العقيدة يخالفون ما كان عليه السلف كيف نقول أنَّهُم متمسكون بالجماعة.