التمسك بأهل السنة والجماعة ليست دعوة وليست مِنْحَةْ يمنحها الإنسان باختياره، نقول فلان من أهل السنة والجماعة أو لا، ليست مزاجاً وليست عقلاً وليست هِبَات تُوَزَّعْ على الناس، هذا وصف جاء في الكتاب والسنة بأنَّ الذي فَرَّقَ دينه ليس من الجماعة، {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى:١٣] ، نقول: إنّناَ نَصِفُ الله - عز وجل - بالسمع والبصر ما نتأول؛ لكن الغضب والرضا نتأوله يعني نقول هي الإرادة. معنا أنه ما يغضب؟ نقول: نعم ما يغضب.
طيب الذي يعبد الصنم، نقول مثلاً: خالد ابن الوليد لما علا جبل أحد فأصبح يرمي النبل على النبي صلى الله عليه وسلم والسهام على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الصحابة وقُتِلَ من قُتِلْ من شهداء أحد، في تلك الحال كان مغضوباً عليه أو مرضيا عنه؟
عندهم أنَّهُ مرضي عنه لأنَّ بعد خمس سنين أو ست سنين سيسلم.
إذاً فثَمَّ مخالفة ودخول في صفات الله بالعقليات، هذا خطا كبير.
الأصل الأصيل عندهم أنَّ الشرع تَبَعٌ العقل، ولهذا يقول قائلهم (العقل هو القاضي والشرع هو الشاهد)
(القاضي) يعني الذي يقضي في الخصومات هو العقل لكن الشرع شاهد، يأتي الدليل من الكتاب والسنة فيقول هذا شاهد، لكن يرجع إلى عقله، إن كان صحيح أمضاه، وإن لم يصح ما احتج به وقال: لا، لازم نشوف له طريقة.
هذه لاشك أنَّهُا ليست طريقة الجماعة.
الجماعة هم الذين لم يُفَرِّقُوا في الدين، أخذوا ما جاء من الله - عز وجل - وما جاء من الرسول صلى الله عليه وسلم أخذاً واحداً.
نفرق!! نأخذ بآية ونقول هذه نُسَلِّمْ، نُمِرُّهَا، نُثْبِتُهَا، وآية أخرى لا، ما نُثْبِتْ.
لماذا تُفَرِّقْ بين هذا وهذا؟ ما الفرق بين مسائل الصفات بعضها مع بعض؟
لماذا تُثْبِتْ وتنفي؟
لماذا تقول يُرَى الله في الآخرة ثُمَّ تقول لكن إلى غير جهة؟
تَرُدُّ على المعتزلة بخلق القرآن وأنت تقول أنَّ الذي بين أيدينا مخلوق لكن القديم غير مخلوق؟
إذاً فيه أشياء كثيرة عند الأشاعرة والماتريدية وأشباههم خالفوا فيها الجماعة قبل أن تتغير الجماعة.
الجماعة ما هي؟
قبل أن تحدث هذه الأقوال، يعني قبل أن يحدث القول في الصفات ما الذي كان عليه المسلمون قبل ذلك؟
مائة سنة الناس ما يعرفون التأويل يكونون على ضلال؟، أو يكون غيرهم أدرك الصواب وهم لم يدركوه وفيهم الصحابة؟
هذا ما يمكن.
حَدَثْ الخوارج، قول الخوارج، ننظر إلى ما كان عليه الناس قبل ظهور الخوارج، قبله الصحابة ما الذي كانوا عليه في مسائل الإيمان ومسائل الأسماء والأحكام التكفير إلى غير ذلك ما الذي كانوا عليه؟
لاشك أنَّ هذا هو الجماعة.
الجماعة في مسألة الإيمان ومسألة الأحكام والأسماء هي ما قبل ظهور الخوارج.
ظَهَرَ بعد ذلك القدرية، غيلان الدمشقي ومعبد الجهني إلى آخره.
في مسائل القدر ما الجماعة قبل خروجهم؟
يعني تبحث عما قبل، هل ما قبل فيه شيء يدل على؟
ما فيه شك أنه لا يوجد.
ولهذا عندك الذين ذَكَرُوا أنَّ الأشاعرة من أهل السنة والجماعة، نقول لهم: أهل السنة نعم؛ لكن الجماعة نحن نود ونرغب ونتمنى أنَّهُم من أهل السنة والجماعة حقيقة، وليست منحة ولا هوى؛ لكنهم هل كانوا على الجماعة؟
لاشك أنَّ أهل العلم أُمَنَاء في الأوصاف التي عَلَّقَهَا الله - عز وجل - بمن وعده بالنجاة.
أمناء في الأوصاف لا يجوز لهم أن يُوَزِّعُوا الأوصاف بمحض اجتهادهم هذا كذا وهذا كذا.
لا هم أمناء على الشريعة.
فلابد أن يُؤَدُّوا الشريعة على ما أؤتمنوا عليه.
يُطَاعُون ما يطاعون، لكن لابد يكون ما عنده.
نعم يأتي أسلوب ما يقول به وهو أن يقول بالتي هي أحسن، هذا رعاية مصالح ومفاسد.
لكن الكلمة في نفسها لابد أن تكون حقاً واضحةً، لا مداهنة فيها ولا مجاملة.
الجماعة وصف شرعي من تَحَقَقَ به وُصِفَ به، ومن لم يتحقق به فإنَّهُ لا يوصف به.
ولاشك أنَّ هذا مما الناس فيه متنوعون -خاصة المنتسبين للعلم والبحث-.
فممن يغلو في أحد الطرفين وممن يتساهل فيجعل الأمور تمشي ودون أمانة في الحكم، ومنهم من توسط، وهم الذين تمسكوا بهدي السلف الصالح وبطريقة الجماعة لأنَّهُم لم يقولوا على الله - عز وجل - بلا علم.
أسأل الله - عز وجل - أن يوفّقكم جميعا لما فيه صلاحكم في دنياكم وفي آخرتكم، وأن يقينا وإياكم العثار وأن يبارك لنا في الأعمار إنَّهُ سبحأنَّهُ رحيم جواد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.