القدرية يُنْسَبُونَ إلى القَدَرْ لا لإثباته ولكن لنفيه، وهي نِسْبَةٌ إلى من لا يُثبت.
نَسَبُوهُمْ إلى القَدَرْ لأنهم لا يُثبتونه.
والذين ينفون القَدَرْ أقسام متنوعة يجمعهم أنّهم ينفون مرتبةً من مراتب القَدَرْ.
وأشهر المسائل التي نُفِيَ فيها القَدَرْ مسألتان:
- المسألة الأولى: العلم السابق وقد نفته طائفة.
- المسألة الثانية: عموم خلق الله - عز وجل - في الأشياء ومشيئته الشاملة لكل شيء فقد نفته طائفة.
@ أما الذين نفوا العلم فهم القدرية الغلاة الذين خرجوا في زمن الصحابة رضوان الله عليهم وردَّ عليهم الصحابة وتبرؤوا منهم، وأخبروا بأنهم ليس لهم في الإيمان ولا في الإسلام نصيب.
وهم الذين قال فيهم الإمام الشافعي رحمه الله (ناظروا القدرية بالعلم فإن أقروا به خُصِموا وإن أنكروه كفروا) ؛ لأنهم ينكرون علم الله السابق ويقولون إن الأمر أُنُفْ يعني مُستَأنَفْ، لا يعلم الله الأشياء عندهم إلا بعد وقوعها، لا يعلم الأشياء قبل أن تقع. أعاذنا الله منهم.
@ أما القدرية الذين نفوا مرتبة عموم المشيئة وعموم خلق الله للأفعال فهؤلاء طائفة كبيرة، أصَّلَ مذهبهم أهل الاعتزال: المعتزلة، حتى صار عند الكثير أنَّ المراد بالقدرية النفاة: المعتزلة.
وفي الحقيقة القدرية لفظٌ يصح إطلاقه على كل من لم يؤمن بالقدر على ما جاء في الكتاب والسنة بِنَفْيٍ لشيء منه.
ولهذا يدخل في القدرية من اعترض على القَدَرْ، أو على أفعال الله - عز وجل - أو على الحكمة وقد قال فيه ابن تيمية في تائيته القدرية:
وَيُدْعَى خُصُومُ الله يَوْمَ مَعَادِهِم ****** إِلى النَّارِ طُرّاً مَعْشَرَ الْقَدَرِيَةِ
يعني يا معشر القدرية هَلُمُّوا إلى النار جميعاً،
سواء نفوه أو سعوا ليخاصموا ****** به الله أو ماروا به للشريعة
فجعل نفي شيء من القَدَرْ يَدْخُلُ صاحبه في القَدَرِيَّة، وجعل أيضاً المخاصمة والمجادلة كحال المشركين، القدرية الذين قالوا {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا} [الأنعام:١٤٨] ، هؤلاء يدخلون في القدرية لأنهم نفوا حكمة الله - عز وجل - التي هي أساسٌ في القول بالقَدَرِ كما جاء في القرآن وسنة النبي العدنان صلى الله عليه وسلم.
ثَمَّ بحوث أخرى أيضاً تُأخذ من كتبهم.
قال (وَغَيْرِهم) لأنَّ الفِرَقْ كثيرة والمذاهب الرَّدِيَّةْ والأهواء والآراء مختلفة.
وليشمل أيضاً ما ظهر في زمانه وما قبله وما سيظهر أيضاً في الأزمنة الأخرى.
فممن لم يذكرهم: الخوارج والشيعة الغلاة والمرجئة الغلاة قد يدخلون مع هؤلاء في شيءٍ من الأقوال.
ويدخل أيضاً العقلانيون في ذلك الزمان وما بعده، ويدخل غلاة المتصوفة، ويدخل الذين ابتدعوا طرقاً بين هذا وهذا.
لهذا أوصلهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى اثنتين وسبعين فرقة.