للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وترك المحكم، فإن هذه طريقة أهل الزيغ، قال الله تعالى: {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه}، وأما العلماء الراسخون فيؤمنون بالجميع، ويعملون بالجميع، كما قال تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَاب}.

والنبي صلى الله عليه وسلم إنما فعل هذا مرة واحدة في المدينة، ويحتمل: أن هذا الجمع كان مرة واحدة ثم نسخ، والمعتمد هو أنه جمع صوري، كما تقدم.

وقول ابن عباس رضي الله عنهما: ((قُلْتُ: يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ، أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ، وَعَجَّلَ الْعَصْرَ، وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ، وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ؟ قَالَ: وَأَنَا أَظُنُّ ذَاكَ))، هذا الظن الوارد في الحديث من ابن عباس، وأبي الشعثاء رضي الله عنهما جاء صريحًا في سنن النسائي كما مر (١)، وهناك تعليق لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله لما سئل عن توضيح ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة ثَمَانِيًا جَمِيعًا، وَسَبْعًا جَمِيعًا) وجاء في رواية مسلم: أن المراد بذلك الظهر والعصر والمغرب والعشاء. (٢) وقال في روايته: ((من غير خوف ولا مطر)) (٣)، وفي لفظ آخر: ((من غير خوف ولا سفر)) (٤)، فأجاب رحمه الله بقوله: ((سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن ذلك، فقال: لئلَّا يحرج أمته. قال أهل العلم: معنى ذلك: لئلَّا يوقعهم في الحرج. وهذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بالمدينة لسبب يقتضي رفع الحرج والمشقة عن الصحابة في ذلك اليوم؛ إما لمرض عام، وإما لدحض، وإما لغير ذلك من الأعذار التي يحصل بها المشقة على الصحابة ذلك اليوم. وقال بعضهم: إنه جمع صوري وهو أنه أخر الظهر إلى آخر


(١) أخرجه النسائي (٥٨٩).
(٢) أخرجه مسلم (٧٠٥).
(٣) أخرجه مسلم (٧٠٥).
(٤) أخرجه مسلم (٧٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>