للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن السنة تثبت بالقول، وبالفعل، وبالتقرير، وأقواها: القول، ثم الفعل، ثم التقرير، فصلاة الضحى سنة ثابتة من قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله.

أما من قوله صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بصلاة الضحى، والإيتار قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وكان أبو هريرة رضي الله عنهما يدرس الحديث، ويكتبه في الليل، فيخشى أن لا يقوم آخر الليل؛ فلهذا أوصاه أن يوتر أول الليل، أما من غلب على ظنه أنه يقوم في آخر الليل فالوتر في آخر الليل أفضل؛ لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ؛ فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ)) (١)، وكذلك أوصى أبا الدرداء رضي الله عنه.

وكذلك في حديث أبي ذر رضي الله عنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة ركعتين يركعهما من الضحى تجزئ عن السلاميَّات، وهي: عظام البدن، وأن الإنسان مركَّب من ستين وثلاثمائة مفصل، وعليه أن يتصدق عن كل مفصل، وله بكل تسبيحة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وبكل تحميده صدقة، وبكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ عن ذلك ركعتان يركعهما من الضحى، فدل ذلك على مشروعية الضحى.

وأما من فعله صلى الله عليه وسلم فقد ورد من حديث عائشة رضي الله عنها: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ)).

وكذلك في حديث أم هانئ أنه صلى الله عليه وسلم ((قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ))، ويصدق عليه صلاة الضحى، وقال القاضي عياض رحمه الله: ((وتأولوا حديث أم هانئ أنها صلاة الفتح، وأنها من السنن ثمانى ركعات)) (٢).


(١) أخرجه مسلم (٧٥٥).
(٢) إكمال المعلم، للقاضي عياض (٣/ ٥٢ - ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>