للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ أنه قَالَ: ((قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لَا، إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ) يعني: من سفره فهو يعارض قولها: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ)).

وقد حمل النووي رحمه الله قول عائشة رضي الله عنها الأول على أنها أرادت: ما كان يداوم صلى الله عليه وسلم، فيكون نفيًا للمداومة، لا لأصلها (١)، ويحتمل أنها نسيت رضي الله عنها؛ لأنها أخبرت قبل ذلك: أنه كان يصلي الضحى أربعًا، ويزيد ما شاء الله، وهذا الأخير ذكره سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وكلام النووي رحمه الله غير ظاهر.

والصواب: أن سنة الضحى مشروعة ومستحبة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يداوم عليها؛ لأنه عليه السلام إما أنه كان مشغولًا بتبليغ الدعوة والرسالة، وإنفاذ الجيوش وقضاء حوائج الناس، وإما خشية أن تُفرض على الناس فيعجزوا عنها، قالت عائشة رضي الله عنها: ((وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَدَعُ الْعَمَلَ- وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ-؛ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ، فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ)).

واختلف العلماء: هل يستحب المداومة على صلاة الضحى؟

على قولين، والصواب: أنه يستحب المداومة عليها، وهذا قول الجمهور (٢)، وقال بعض أهل العلم: يكره المداومة عليها؛ لئلَّا يشبهها بالفرائض (٣).

ووقت صلاة الضحى: من ارتفاع الشمس قدر رمح، أي: بعد طلوعها بربع ساعة، أو بثلث ساعة إلى قبيل الزوال.

وأقلها: ركعتان، ولا حد لأكثرها، وقال النووي رحمه الله: إن أكثرها ثمان


(١) شرح مسلم، للنووي (٥/ ٢٣٠).
(٢) بدائع الصنائع، للكاساني (١/ ٢٩٤)، مواهب الجليل، للحطاب (٢/ ٦٧)، المجموع، للنووي (٤/ ٣٧)، الإنصاف، للمرداوي (٢/ ١٩١)، المغني، لابن قدامة (٢/ ٩٧ - ٩٨).
(٣) زاد المعاد، لابن القيم (١/ ٣٤١ - ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>