للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كله بلا كراهة؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم ((إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ)) (١)، وحديث يزيد بن الأسود رضي الله عنه: ((شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَجَّتَهُ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ قَالَ: فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ وَانْحَرَفَ، إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ فِي أُخْرَى الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ، فَقَالَ: ((عَلَيَّ بِهِمَا))، فَجِيءَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا، فَقَالَ: ((مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟ ) فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا قَالَ: ((فَلَا تَفْعَلَا، إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُما نافلة)) (٢)، وكان ذلك بعد صلاة الفجر، فدل على تخصيص أحاديث النهي بغير ذوات الأسباب، وأما الصلوات ذوات الأسباب كإعادة الجماعة، وتحية المسجد، وسنة الوضوء، وصلاة الجنازة، وصلاة الكسوف، وسجدة التلاوة فلا تدخل فيما نُهِي عنه.

قال النووي رحمه الله- لما تكلم عن قوله: ذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ-: ((فيه استحباب التحية في أي وقت دخل وهو مذهبنا، وبه قال جماعة وكرهها أبو حنيفة والأوزاعي والليث في وقت النهي، وأجاب أصحابنا: أن النهي إنما هو عما لا سبب له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد العصر ركعتين قضاء سنة الظهر فخص وقت النهي، وصلى به ذات السبب، ولم يترك التحية في حال من الأحوال، بل أمر الذي دخل المسجد يوم الجمعة وهو يخطب فجلس أن يقوم فيركع ركعتين، مع أن الصلاة في حال الخطبة ممنوع منها إلا التحية، فلو كانت التحية تُترك في حال من الأحوال لَتُركت الآن؛ لأنه قعد وهي مشروعة قبل القعود، ولأنه كان يجهل حكمها، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قطع خطبته، وكلمه وأمره أن يصلي التحية فلولا


(١) أخرجه البخاري (١١٦٧)، ومسلم (٧١٥).
(٢) أخرجه أحمد (١٧٠٢٠)، والترمذي (٢١٩)، والنسائي (٨٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>