المرتبة الأولى: الإنكار باليد: وهي للسلطان، وعمَّاله، وكل من كان يستطيع التغيير باليد، ويدخل في ذلك رب البيت مع أهل بيته، فيجب عليه أن يغير المنكر بيده إذا رآه منهم.
المرتبة الثانية: الإنكار باللسان: وهي لمن عنده علم أن هذا الأمر منكر، فعليه أن ينكره بلسانه، ولا ينتقل عن هذه المرتبة إلى مرتبة الإنكار بالقلب إلا إذا عجز عن الإنكار باللسان.
المرتبة الثالثة: الإنكار بالقلب، بمعنى: أنه يكره هذا المنكر ويبغضه في قرارة نفسه، ولا يجالس أهله، فإن ابتلي بهم فليظهر علامة الإنكار عليه، من تعبيس الوجه وتقطيبه؛ حتى يُعلم أنه منكر لهذا الشيء، وهذا أضعف الإيمان.
فمن لم ينكر بيده ولا بلسانه ولا بقلبه فإن إيمانه ضعيف، ويكون ناقصَ الإيمان مقرًّا للمنكر، وهو حينها كفاعل المنكر، وفاعل المنكر- كالزاني والسارق وشارب الخمر- إيمانه ضعيف، ومن أقره على منكره ولم ينكر عليه فهو مثله ضعيف الإيمان، وفي لفظ الحديث الآتي:((وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ))، وليس معنى ذلك: أنه كافر ليس عنده إيمان، بل عنده أصل الإيمان، وإنما قُصَارى الأمر أن هذا هو أضعف الإيمان بالنسبة لدرجات الإنكار.
وفي هذا الحديث: أن مروان بن الحكم قدم خطبة العيد على الصلاة، فأنكر عليه رجل، وقال: الصلاة قبل الخطبة، فقال: قد ترك ما هنالك، يريد أن يقول: إن الناس لا يجلسون هنالك، فهو يريد أن يُسمعهم الخطبة؛ لأنه إذا صلى صلاة العيد، ثم خطب، انصرف الناس، فقال أبو سعيد:((أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ))، أي: أدى الواجب المفروض عليه.
وأما حكم إنكار المنكر فله اعتباران، فإن كان المنكر في المسائل المتفق عليها، فقد قال العلماء: إنه فرض على الكفاية، إذا قام به من يكفي سقط