للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعضهم: إنه ذم للبيان (١)، وقيل: بل هو مدح، وهو الأقرب؛ ولهذا فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، يعني: علامة على فقهه، ولا شك أن قصر الخطبة من البيان المحمود.

[٨٧٠] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: أَنَّ رَجُلًا خَطَبَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ، قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)).

قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: فَقَدْ غَوِيَ.

قوله: ((فَقَدْ غَوَى)) روي بفتح الواو، وبكسرها.

وقوله: ((بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ، قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)) اختلف العلماء في الجمع بين هذا الحديث وحديثُ أنس في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ... )) (٢)، فقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الضمير العائد على الله تعالى، والضمير العائد على رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((مِمَّا سِوَاهُمَا) وهذا الخطيب لما قال: ((وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى) قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ، قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) أي: لا تجمع ضمير الرسول صلى الله عليه وسلم مع ضمير الرب تبارك وتعالى.

فقيل: إن هذا الحديث منسوخ بحديث أنس: ((أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا)).

وقيل: إن النهي عن جمع الضميرين معًا محمول على الأدب والتنزيه،


(١) فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٢٣٧).
(٢) أخرجه البخاري (١٦)، ومسلم (٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>