للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُونُسَ، قَالَ ابْنُ خَشْرَمٍ: أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرِ ابْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ: ((يَا سُلَيْكُ، قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا) ثُمَّ قَالَ: ((إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا)).

في هذه الأحاديث: دليل على أنه إذا جاء المأموم والإمام يخطب فإنه يصلي تحية المسجد؛ لِما ورد في الروايات السابقة من أوامر كقوله صلى الله عليه وسلم: ((قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ) وقوله: ((قُمْ فَصَلِّ الرَّكْعَتَيْنِ) وفي حديث آخر: ((إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ- أَوْ: قَدْ خَرَجَ- فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ)) (١).

وفيها: أنه يشرع تخفيف ركعتي تحية المسجد؛ ولهذا قال: ((وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا))، فالسنة لمن جاء والإمام يخطب أن يصلي ركعتي تحية المسجد، ولكن يخففهما؛ حتى يتمكن من سماع الخطبة.

واستدل الظاهرية بهذه الأحاديث على أن تحية المسجد واجبة، وقالوا: هذه أوامر، والأصل في الأوامر الوجوب، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر سُليك أن يصليهما وهو يخطب في هذا الوقت الذي يشرع للمأموم أن يستمع للخطبة، والخطبة متأكدة، وهي مرة في الأسبوع، ولا يجوز للإنسان أن يتكلم والإمام يخطب، ومع ذلك أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي ركعتين، فدل على وجوبهما، وهو قول قوي (٢).

وجمهور الفقهاء يرى أن تحية المسجد مستحبة، وليست واجبة (٣)،


(١) أخرجه البخاري (١١٧٠)، ومسلم (٨٧٦).
(٢) المحلى، لابن حزم (٥/ ٦٨).
(٣) مواهب الجليل، للحطاب (١/ ٣٨١) المجموع، للنووي (٤/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>