للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك، أو الذين لهم جلبة وصياح عند سوقهم (١).

وقوله: ((وَإِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ، حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ، وَمُضَرَ) يعني: في قبائل المشرق، قبائل نجد وغيرها، فهؤلاء عندهم غلظةُ أصحابِ الإبلِ الفدادين.

وقوله: ((أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، هُمْ أَضْعَفُ قُلُوبًا، وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً)) المراد بـ (اليمن): تهامة، وكل ما كان عن يمين الكعبة، ومِن ذلك سمي الركن اليماني، كما أن المراد بجهة تهامة: كل تهامة، وليس المراد الجهة الجغرافية المعروفة.

والمراد بأهل اليمن في الحديث: خصوصُ من كانوا في ذلك الوقت، أما من جاء بعدهم فقد توجد الرقة فيهم إذا سلموا من الشبهات والشهوات وقبلوا الحق، وقد توجد فيهم القسوة، إذا لم يسلموا من ذلك، وأَبَوا قبول الحق واتباعه.

وقد اختُلف في تحديد المقصود من ذِكر النبي صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن في الحديث، من حيث إن مبدأ الإيمان من مكة، ثم من المدينة، على عدة أقوال:

الأول: أنه أراد بذلك مكة؛ لأن مكة من تهامة، وتهامة من أرض اليمن.

الثاني: أن المراد: مكة والمدينة؛ فإنه يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام وهو بتبوك (٢)، ومكة والمدينة حينئذٍ بينه وبين اليمن، فأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد مكة والمدينة، فقال: ((الإيمَانُ يَمَانٍ))، ونسبهما إلى اليمن؛ لكونهما حينئذٍ إلى ناحية اليمن، كما قالوا: الركن اليماني، وهو بمكة؛ لكونه إلى ناحية اليمن.

الثالث: ما ذهب إليه كثير من الناس، أن المراد بذلك: الأنصار؛ لأنهم يمانيون في الأصل، فنسب الإيمان إليهم لكونهم أنصارَه، ويرده قوله صلى الله عليه وسلم ((أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ))، والأنصار من جملة المخاطبين بذلك؛ فهم إذًا غيرهم.


(١) النهاية، لابن الأثير (٣/ ٤١٩)، لسان العرب، لابن منظور (٣/ ٣٣٠).
(٢) فتح الباري، لابن حجر (٦/ ٥٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>