للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والصواب: أن المراد بأهل اليمن: الوفود الذين وفدوا عليه في ذلك الوقت من اليمن، وهم أهل تهامة كلها، وليس المرادُ بلادَ اليمن الواقعة بين الحدود الجغرافية المعروفة الآن.

ولا منافاة بين هذا الحديث، وبين قوله صلى الله عليه وسلم: ((الإِيمَانُ فِي أَهْلِ الحِجَازِ) لأن المرادَ بهؤلاء: الموجودون منهم حينئذٍ، لا كل أهل اليمن في كل زمان؛ فإنه لا يقتضيه، وهذا هو الحق- إن شاء الله- في هذه المسألة، ونحمد الله تعالى على هدايتنا له، والله أعلم.

وقوله: ((الْفِقْهُ يَمَانٍ)) الفقه هنا عبارة عن الفهم في الدين، ثم اصطلح بعد ذلك الفقهاء والأصوليون على تخصيصه بـ: إدراك الأحكام الشرعية العملية بالاستدلال على أعيانها (١).

وقوله: ((الْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ)) في المراد بالحكمة أقوالٌ كثيرة، وقد اقتصر كل قول على بعض صفات الحكمة، وقد صفي لنا منها: أن الحكمة عبارة عن العلم المقرون بالعمل، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: ((لا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا)) (٢).

وقال النووي رحمه الله: ((قال أبو بكر بن دريد: كل كلمة وعظتك وزجرتك، أو دعتك إلى مكرمة، أو نهتك عن قبيح، فهي حِكمة وحُكْمٌ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً)) (٣)، وفي بعض الروايات ((حُكْمًا)) (٤)، والله أعلم)) (٥).

وفي الحديث- أيضًا-: منقبة لأولئك الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم.


(١) شرح مسلم، للنووي (٢/ ٣٣).
(٢) أخرجه البخاري (٧٣)، ومسلم (٨١٦).
(٣) أخرجه البخاري (٦١٤٥).
(٤) أخرجه أحمد (٢٤٢٤)، وأبو داود (٥٠١١)، والترمذي (٢٨٤٥)، وابن ماجه (٣٧٥٦).
(٥) شرح مسلم، للنووي (٢/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>