للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا، وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ، فَإِنْ فُطِنَ لَهُ قَالَ: إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمِحْجَنِي، وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ ذَهَبَ بِهِ، وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ الَّتِي رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، ثُمَّ جِيءَ بِالْجَنَّةِ، وَذَلِكُمْ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَقَدَّمْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي مَقَامِي، وَلَقَدْ مَدَدْتُ يَدِي، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَنَاوَلَ مِنْ ثَمَرِهَا؛ لِتَنْظُرُوا إِلَيْهِ، ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ لَا أَفْعَلَ، فَمَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي صَلَاتِي هَذِهِ)).

في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم تقدم، فتقدمت الصفوف، وتأخر، فتأخرت الصفوف، فدل على أن الحركة عند الحاجة إليها لا بأس بها.

وقوله: ((وَقَدْ آضَتِ الشَّمْسُ)): يعني: رجعت إلى حالها.

وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صاحب المحجن يجر قصبه في النار، وصاحب المحجن: هو رجل معه عصا، طرفها منحنٍ، يسرق بها الحجاج، بأن يمد العصا، فيتعلق المتاع بالمحجن، فإن فطن له الناس قال: إن هذا المحجن تعلق دون اختياري، وإن لم يُفطن له أخذه.

وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف ست ركوعات، في كل ركعة ثلاث ركوعات، وفي حديث آخر: أنه صلى في كل ركعة أربع ركوعات، وجاء في سنن أبي داود أنه صلى خمس ركوعات (١).

واختلف العلماء في الجمع بين هذه الأحاديث في صلاة الكسوف:

فذهب الجمهور إلى ما دل عليه حديث عائشة رضي الله عنها، وابن عباس رضي الله عنهما من أن صلاة الكسوف أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات، وهذا الذي


(١) أخرجه أبو داود (١١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>