للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَلَا تَسْمَعُونَ؟ إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا، وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ) يعني: الصياح والعويل والصراخ وقول ما فيه اعتراض، فهذا كله من التسخط على قضاء الله وقدره، وهو من الكبائر.

والبكاء بدمع العين من الرحمة، وليس من النياحة، وهو أفضل من التجلد، قال ابن تيمية رحمه الله: ((البكاء على الميت على وجه الرحمة حسن مستحب وذلك لا ينافي الرضا؛ بخلاف البكاء عليه لفوات حظه منه وبهذا يعرف معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لما بكى الميت، وقال: ((إن هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)) (١) فإن هذا ليس كبكاء من يبكي لحظه لا لرحمة الميت؛ فإن الفضيل بن عياض لما مات ابنه علي ضحك وقال: رأيت أن الله قد قضى فأحببت أن أرضى بما قضى الله به، فحاله حال حسن بالنسبة إلى أهل الجزع، وأما رحمة الميت مع الرضا بالقضاء وحمد الله تعالى كحال النبي صلى الله عليه وسلم فهذا أكمل، كما قال تعالى: {ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة} فذكر سبحانه التواصي بالصبر والمرحمة)) (٢).

والصبر واجب، وهو حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي، والجوارح عما يغضب الله من لطم، أو شق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا حَضَرْتُمُ الْمَرِيضَ- أَوِ الْمَيِّتَ- فَقُولُوا خَيْرًا؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ)) (٣).

وأحوال الناس في المصيبة أربع:

الحال الأولى: حال الجازع والساخط على قضاء الله وقدره، وصاحبها آثم.

الحال الثانية: حال الصابر، لكنه ليس راضيًا بالمصيبة، وصاحبها أدى ما أوجب الله عليه، وحصَّل ثواب الصابرين.

الحال الثالثة: حال الراضي بقضاء الله وقدره، وفعله هذا مستحب على


(١) أخرجه البخاري (١٢٨٤).
(٢) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (١٠/ ٤٧).
(٣) أخرجه مسلم (٩٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>