للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصحيح، وقد يكون الإنسان راضيًا وتدمع عينه، ويحزن قلبه، فهذا لا ينافي الرضى؛ لأن البكاء رحمة جعلها الله في قلوب الرحماء.

الحال الرابعة: حال الشاكر، وهي أن يشكر الله على المصيبة؛ لأنه يعتبرها نعمة؛ حيث إن الله يكفر بها الخطايا، ويرفع بها الدرجات، فهؤلاء تنقلب المحن في حقهم مِنَحًا، وهم عباد الله المخلَصون، ولا يقوى على هذا إلا القلة الموَفَّقون.

وأما قول أبي العباس القرطبي: ((فأما النياحة التي كانت الجاهلية تفعلها؛ من تعديد خصال الميت، والثناء عليه بما كان فيه من الخصال الدُّنيوية المذمومة، والصراخ الذي يُخرجه الجزع المفضي إلى السخط والعبث؛ من ضرب الخدود، وشق الجيوب؛ فكل ذلك محرَّم، من أعمال الجاهلية، ولا يختلف فيه، فأما بكاء وصراخ لا يكون معه شيء من ذلك فهو جائز قبل الموت، مكروه بعده)) (١).

فهذا جوابه: أن الصراخ ليس عليه دليل، بل ممنوع قبل الموت، وبعده، وإنما الجائز: البكاء بدمع العين كفعل النبي صلى الله عليه وسلم.


(١) المفهم، للقرطبي (٢/ ٥٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>