للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهب الشافعية، والحنابلة، وجماعة: إلى مشروعية الصلاة على الغائب مطلقًا (١).

وذهب بعض العلماء إلى أن الصلاة على الغائب خاصة بالنجاشي رضي الله عنه، وقالوا: إن النجاشي لم يصلِّ عليه أحد؛ لأنه أسلم في بلاد النصارى؛ فلهذا صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم (٢).

وقالوا: إنه مات في زمن النبي صلى الله عليه وسلم جمع غفير من الناس في مكة وغيرها، ولم يُصلِّ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم.

وقالوا- أيضًا-: إنه كُشف له عن النجاشي، فكان يشاهده أمامه؛ فلهذا منعوا الصلاة على الغائب.

وفيه: معجزة من معجزاته، ودليل من دلائل النبوة، حيث إنه أخبر بموت النجاشي في اليوم الذي مات فيه مع بُعد المسافة.

وقوله: ((فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى، وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ) أي: صلى بهم في مكان الجنائز، وإن صُلِّي على الميت في المسجد فلا حرج، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على سهيل ابن البيضاء في المسجد (٣).

والقول بأنه لم يصلِّ عليه أحد، وأنه لم يُسلِمْ أحد من قومه بعيد جدًّا؛ لأن الملوك لهم أتباع، فلا يمكن أن يكون ملك، أو رئيس دولة، ولا يتبعه أحد من الخدم وغيرهم، وإنما صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن له قدمًا وشأنًا في الإسلام، ولأنه آوى الصحابة رضي الله عنهم مرتين، لما هاجروا الهجرة الأولى والثانية.

وفيه: جواز الإخبار بموت الميت حتى يصلى عليه، وأن هذا ليس من


(١) المجموع، للنووي (٥/ ٢٥٠)، الإقناع، للحجاوي (١/ ٢٢٧)، الإنصاف، للمرداوي (٢/ ٥٣٣).
(٢) شرح مختصر خليل، للخرشي (٢/ ١٤٢ - ١٤٣)، البحر الرائق، لابن نجيم (٢/ ١٩٣)، المبسوط، للسرخسي (٢/ ٦٧).
(٣) أخرجه مسلم (٩٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>