للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والدعاء لأهل المقابر.

وقولها: ((ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ، فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ، فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ فَسَبَقْتُهُ) يعني: إذا ركض ركضَت، فسبقته لما رأت أنه لا يريد أن يذهب لشيء، وأنه يريد أن يرجع إلى البيت، فدخلت وجلست في فراشها.

وقوله: ((مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً)): عائش ترخيم عائشة، والترخيم هو حذف آخر الاسم، و ((رابية) يعني: مرتفعة البطن، من النَّفَس الذي يثور، فأرادت أن تخفي ذلك، فقالت: ((لَا شَيْءَ) فقَالَ: ((لَتُخْبِرِينِي، أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) أي: إن لم تخبريني أنت فإن الله سيعلمني بالوحي، فلما رأت أنه لا حيلة لها ((قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ- بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي- فَأَخْبَرتُهُ، فقال: ((فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي، قُلْتُ: نَعَمْ فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي))، من باب التأديب، واللهد: هو الضرب في الثديين وأصول الكتفين (١).

ثُمَّ قَالَ: ((أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ) أي: أَخِفْتِ من الجور، فخفتِ أن أذهب إلى بعض نسائي؟

وقوله: ((فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ فَنَادَانِي، فَأَخْفَاهُ مِنْكِ) يعني: أخفى الصوت عنك.

وقوله: ((قُولِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا، وَإِنَّا- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- بِكُمْ لَلَاحِقُونَ)): قد يحتج به الجمهور الذين يقولون: إن المرأة لها أن تزور القبر؛ لأنها قالت: ((كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ))، فلم ينكر عليها، ولم يقل لها: لا تزوري القبور.

لكن هذا مجمل، ويحتمل أنه كان قبل النهي، أو إذا مرت وهي ماشية في طريقها.


(١) لسان العرب، لابن منظور (٣/ ٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>