للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَاهُ قَوْمٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ، وَسَاقُوا الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ، وفيه: فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ صَعِدَ مِنْبَرًا صَغِيرًا، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ((أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ: {يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ... } الْآيَةَ)).

وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، وأبي الضحى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلَالٍ الْعَبْسِيِّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ الْأَعْرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمُ الصُّوفُ، فَرَأَى سُوءَ حَالِهِمْ قَدْ أَصَابَتْهُمْ حَاجَةٌ، فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِهِمْ.

قوله: ((مُجْتَابِي النِّمَارِ- أَوِ الْعَبَاءِ) يعني: ثيابهم مخرقة مقطعة من الفقر والحاجة؛ فلهذا تمعَّر وجه النبي صلى الله عليه وسلم لحالهم فخطب الناس، وحثهم على الصدقة.

وقوله: ((تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ)): هذا خبر بمعنى الأمر، والمعنى: ليتصدقْ.

وقوله: ((مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً) يعني: ابتدأها، وأحياها إذا اندثرت وماتت، وسابق إليها، وبادر إلى امتثالها، وليس المراد بذلك: الابتداع في الدين.

وقوله: ((وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ ومَنْ عَمِلَ بِهَا) أي: من ابتدع سنة سيئة، أو فَعَل معصية، وتتابع الناس على فعلها ((كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ)).

وأما قول النووي رحمه الله: ((البدع خمسة أقسام: واجبة، ومندوبة، ومحرمة، ومكروهة، ومباحة)) (١)، فليس بصحيح، والصواب: أن البدع


(١) شرح مسلم، للنووي (٧/ ١٠٤ - ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>