للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على الأشياء التي كانت في الجاهلية، مثل: الانتساب، والتوارث، وقد كانوا في الجاهلية يتحالفون، فيأتي الرجل يحالف الرجل، فيقول: دمي دمُك، وهدمي هدمك، وترثني وأرثك، فلما جاء الإسلام أنهى هذا النوع من التحالف، وصار عقد الإسلام كافيًا.

وقد يترتب على الانتساب إلى غير الأب مفاسدُ عظيمة، لها تعلق بالمحارم، والرضاع، والمصاهرة، والميراث، وغير ذلك، كاستحقاقِ أشياءَ لا يستحقها من انتسب لغير أبيه، واطلاعه على محارم لا يحل له الاطلاع عليها.

وقوله: ((وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا) أي: من المسلمين، وبعض أهل العلم ألحق صيغة ((فَلَيْسَ مِنَّا)) بالكبائر، وكذلك ما نفى فيه النبي صلى الله عليه وسلم الإيمانَ عن صاحبه.

وأصح ما قيل في ضابط الكبيرة: إنها كل ذنب ترتب عليه حد في الدنيا، أو وعيد في الآخرة بالنار، أو اللعنة، أو الغضب (١).

وقوله: ((إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ) أي: إلا رجع عليه، وهذا وعيد شديد يدل على أنه من الكبائر.

[٦٢] حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ فَهُوَ كُفْرٌ)).

قوله: ((لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ) يعني: الانتساب إلى غير الأب، ((فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ)) فقد أتى بعمل من الأعمال الكفرية، فهذا من كفر الإحسان، وجحد نعمة الوالدين، وهذا وجه إدخاله في كتاب الإيمان، كما مر في الأحاديث السابقة.


(١) التعريفات، للجرجاني (ص ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>