وَمَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ قَالَ:((اجْلِسْ))، فَجَلَسَ، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ، أَقْبَلَ رَجُلٌ يَسُوقُ حِمَارًا عَلَيْهِ طَعَامٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ آنِفًا؟ ))، فَقَامَ الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((تَصَدَّقْ بِهَذَا))، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَغَيْرَنَا؟ فَوَاللَّهِ إِنَّا لَجِيَاعٌ مَا لَنَا شَيْءٌ قَالَ:((فَكُلُوهُ)).
في هذه الأحاديث: تحريم الجماع في نهار رمضان للصائم عامدًا، وأنه من الكبائر؛ لقول الرجل:((هَلَكْتُ))، وقوله:((احْتَرَقْتُ))، وإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم له على قولِه.
وفيها: أن المعاصي هلاك، وأنها تؤدي إلى دخول النار.
وفيها: أن الْمُجَامِع في نهار رمضان عليه كفارة مغلظة بالترتيب، وأنها مثل كفارة الظهار: يعتق رقبة، فإن لم يجد الرقبة، أو ثمنها انتقل إلى صيام شهرين متتابعين، لا يفطر إلا من عذر، كالمرض، أو السفر، فإن عجز عن الصيام أطعم ستين مسكينًا.
مسألة: أما من جامع ناسيًا، أو جاهلًا فللعلماء فيه أقوال:
القول الأول: أن صومه صحيح، ولا كفارة عليه، وهو أصح أقوال العلماء.
القول الثاني: تجب الكفارة على الناسي، دون الجاهل.
القول الثالث: تجب الكفارة على الناسي والجاهل، مع القضاء.
والصواب: أن الناسي معفوٌّ عنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:((إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ؛ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ)) (١).
مسألة: اختلف العلماء فيما إذا عجز المجامِع في نهار رمضان عن الخصال الثلاث: العتق، أو الصيام، أو الإطعام، على قولين: