للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال النووي رحمه الله: ((ومذهبنا ومذهب العلماء كافة وجوب الكفارة عليه إذا جامع عامدًا جماعًا أفسد به صوم يوم من رمضان- والكفارة عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب التي تضر بالعمل إضرارًا بيِّنًا- فإن عجز عنها فصوم شهرين متتابعين، فإن عجز فإطعام ستين مسكينًا كل مسكين مد من طعام، وهو رطل وثلث بالبغدادي، فإن عجز عن الخصال الثلاث فللشافعي قولان: أحدهما: لا شيء عليه، وإن استطاع بعد ذلك فلا شيء عليه)). (١)

قلت: وهذا اختيار سماحة شيخنا ابن باز رحمه الله (٢).

((القول الثاني: وهو الصحيح عند أصحابنا وهو المختار: أن الكفارة لا تسقط، بل تستقر في ذمته حتى يمكَّن قياسًا على سائر الديون والحقوق والمؤاخذات، كجزاء الصيد وغيره، وأما الحديث فليس فيه نفي استقرار الكفارة، بل فيه دليل لاستقرارها؛ لأنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الكفارة بأنه عاجز عن الخصال الثلاث، ثم أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بعرق التمر فأمره بإخراجه فلو كانت تسقط بالعجز لم يكن عليه شيء، ولم يأمره بإخراجه، فدل على ثبوتها في ذمته، وإنما أذن له في إطعام عياله؛ لأنه كان محتاجًا ومضطرًا إلى الإنفاق على عياله في الحال، والكفارة على التراخي، فأذن له في أكله، وإطعام عياله، وبقيت الكفارة في ذمته، وإنما لم يبين له بقاءها في ذمته؛ لأن تأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز عند جماهير الأصوليين، وهذا هو الصواب في معنى الحديث)). (٣)

قلت: وهذا اختيار البخاري رحمه الله (٤).


(١) شرح مسلم، للنووي (٧/ ٢٢٤).
(٢) فتاوى نور على الدرب، لابن باز (١٦/ ٢٩٢).
(٣) شرح مسلم، للنووي (٧/ ٢٢٥).
(٤) صحيح البخاري (٧/ ٢٣٩)، فتح الباري، لابن حجر (٤/ ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>