للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومانع من النار، ومنه: المجن وهو الترس الذى يستتر به، ومنه: الجن؛ سُموا جنًّا لاستتارهم عن أعين الناس، فمادة الجيم والنون تدل على الاستتار.

وقوله: ((وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ)): فيه: إثبات اليد لله عز وجل، وأن نفوس العباد كلها بيد الله سبحانه وتعالى.

وقوله: ((لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ) وفي الحديث الثاني: ((لَخُلُوفُ)): يقال: خُلوف بالضم، وخَلوف بالفتح، والمراد: الرائحة الكريهة التي تنبعث من فم الصائم بسبب خلو المعدة من الطعام والشراب، فهذه الرائحة أطيب عند الله من ريح المسك؛ لأنها ناشئة عن مرضاة الله وطاعته، وإن كانت مستكرهة لمشام الناس إلا أنها محبوبة عند الله، كما أن الشهيد يأتي يوم القيامة لونه لون الدم وريحه ريح مسك.

وقوله: ((أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ)): قال المازري: ((هذا مجاز واستعارة؛ لأن استطابة بعض الروائح من صفات الحيوان الذي له طبائع تميل إلى شيء فتستطيبه وتنفر عَن آخر فتستقذره، والله تعالى يتقدس عن ذلك، ولكن جرت العادة فينا بتقريب الروائح الطيبة منَّا، واستُعِيرَ ذلك في الصوم لتقريبه من الله سبحانه)) (١).

قلت: هذا كلام باطل، فليس في كلام الله عز وجل ولا كلام رسوله صلى الله عليه وسلم مجاز.

وقد قال بعض أهل العلم أنه يؤخذ من هذا صفة الشم لله عز وجل، وهو ظاهر كلام شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله (٢)، ولم يظهر لي أن الحديث يخبر عن صفة الشم؛ لأنه ليس صريحًا بهذا.

وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله الخلاف في إثبات صفة الشم، وأن نفيها مذهب كثير من المثبتة (٣).


(١) المعلم، للمازري (٢/ ٦١).
(٢) مسائل الإمام ابن باز (ص ٢٧٨).
(٣) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (٦/ ١٣٥)، درء تعارض العقل والنقل، لابن تيمية (٢/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>