للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أُدْخِلَ رَأْسِي مَعَهُ فِي الثَّوْبِ، فَلَمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ خَمَّرَهُ عُمَرُ رضي الله عنه بِالثَّوْبِ فَجِئْتُهُ فَأَدْخَلْتُ رَأْسِي مَعَهُ فِي الثَّوْبِ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ: ((أَيْنَ السَّائِلُ آنِفًا عَنِ الْعُمْرَةِ؟ ))، فَقَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ: ((انْزِعْ عَنْكَ جُبَّتَكَ، وَاغْسِلْ أَثَرَ الْخَلُوقِ الَّذِي بِكَ، وَافْعَلْ فِي عُمْرَتِكَ مَا كُنْتَ فَاعِلًا فِي حَجِّكَ)).

قوله: ((لَهُ غَطِيطٌ كَغَطِيطِ البَكْرِ) أي: صوت كصوت النائم الذي يردده مع نفسه، والبكر: هو الفتيُّ من الابل.

وقوله: ((فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ) أي: كُشِف عنه.

وقوله: ((اغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الصُّفْرَةِ- أَوَ قَالَ: أَثَرَ الْخَلُوقِ)) الخلوق: أخلاط من الطيب.

في هذه الأحاديث: جملة من الفوائد، منها:

١ - وجوب الرجوع إلى العلماء عند النوازل، قال الله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، فالواجب على العامي إذا لم يعلم حكم مسألة ما أن يرجع إلى العلماء، ويسألهم، أما إن كان عنده أهلية النظر في الأدلة فإنه ينظر فيها ويعمل بما دلت عليه.

٢ - دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم إلا ما أعلمه الله عز وجل؛ ولهذا لم يُجب هذا السائل حتى نزل عليه الوحي، قال تعالى: {وعلمك ما لم تكن تعلم}، وقال تعالى: {ووجدك ضالًّا فهدى}.

٣ - دليل على أن العالم، والمفتي، والقاضي يجب عليه أن يتوقف في المسائل التي لا يعلمها، كما توقف النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله هذا الرجل، فسكت ساعة حتى نزل عليه الوحي، وثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُل: اللهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لَا يَعْلَمُ: اللهُ أَعْلَمُ، قال تعالى- لنبيه-: } قل ما أسألكم عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>