وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ رَاحِلَتَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ يُهِلُّ حِينَ تَسْتَوِي بِهِ قَائِمَةً.
قوله:((رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا)) هذه الأمور الأربعة التي ذكرها عبيد بن جريج لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، هي:
الأمر الأول:((رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنَ الْأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ))، والمراد بهما: الركن اليماني، والحجر الأسود في الطواف، فإن لم يتيسر أن يستلم الحجر الأسود ويقبله أشار إليه وكبر، أما الركنان الآخران: الشامي، والعراقي فلا يستلمهما، والسبب في ذلك: أنهما ليسا على قواعدِ إبراهيمَ؛ لأن قريشًا أخرجت الحجر مقدار ستة أذرع ونصف من الكعبة، ولهذا لما هدم ابن الزبير رضي الله عنه الكعبة، وأدخل الحجرَ صرفه عن قواعدِ إبراهيمَ، فصار يستلم الأركان الأربعة كلها، وثبت عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه:((أَنَّ مُعَاوِيَةَ طَافَ بِالْبَيْتِ، فَجَعَلَ يَسْتَلِمُ الأَرْكَانَ كُلَّهَا، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِمَ تَسْتَلِمُ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُهُمَا؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَيْسَ مِنَ الْبَيْتِ شَيْءٌ مَهْجُورٌ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: صَدَقْتَ)) (١)، ورجع إلى قوله.
الأمر الثاني:((رَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ)) السِّبْتِيَّةَ مشتقة من السَّبت بفتح السين، وهو الحلق والإزالة، وهي النعال التي لا شعر فيها، قال:((وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا)).
الأمر الثالث:((وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ))، هذا محمول على أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم
(١) أخرجه أحمد (٣٥٣٢)، والطبراني في الأوسط (٢٣٢٣).