للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: أَتَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَزَادَ في الحديث: وَكَانَتِ الْعَرَبُ يَدْفَعُ بِهِمْ أَبُو سَيَّارَةَ عَلَى حِمَارٍ عُرْيٍ، فَلَمَّا أَجَازَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، لَمْ تَشُكَّ قُرَيْشٌ أَنَّهُ سَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ مَنْزِلُهُ ثَمَّ، فَأَجَازَ وَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ حَتَّى أَتَى عَرَفَاتٍ فَنَزَلَ.

قوله: ((عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ)) هو علي بن الحسين رحمه الله.

وهذا الحديث- وهو حديث جابر رضي الله عنه-: منسك مستقل، بيَّن فيه صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم من حين خروجه من المدينة إلى حين رجوعه، وله روايات تكمّله تأتي بعده.

وهو حديث انفرد به مسلم، وأخرجه أبو داود، وهو حديث عظيم اعتنى به أهل العلم، واستنبطوا ما فيه من الفقه وشرحوه، وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في البلوغ طرفًا كبيرًا منه (١).

قوله: ((أَذَّنَ فِي النَّاسِ) يعني: أَعْلَمَ الناس بذلك، وأعلن بينهم أنه سيحج ليتأهبوا للحج معه، ويتعلموا المناسك والأحكام، ويشهدوا أقواله وأفعاله.

وقوله: ((حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي) يعني: تتحفظ بثوب؛ ليمتنع سيلان الدم.

وقوله: ((فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ) يعني: صلى في مكان السجود؛ لأنه لم يكن هناك مسجد مبني في ذلك الوقت، وهذا كما قال عليه السلام: ((وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا)) (٢)، وجاء في الحديث الآخر أن


(١) بلوغ المرام، لابن حجر (ص ٢٨٨).
(٢) أخرجه البخاري (٣٣٥)، ومسلم (٥٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>