للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي، فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ)) (١)، ثُمَّ أحرم صلى الله عليه وسلم لما ركب القصواء، أي: ركب دابته، ((حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ)) كرر الإحرام.

وقوله: ((فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ)) إشارة إلى قوله: ((لَا شَرِيكَ لَكَ)) مخالفًا لتلبية المشركين؛ لأن المشركين كانوا يشركون في تلبيتهم، فيقولون: ((لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَيْلَكُمْ قَدْ قَدْ، فَيَقُولُونَ: إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ، يَقُولُونَ: هَذَا وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ)) (٢).

وقوله: ((وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ) يعني: أن بعض الصحابة كانوا يزيدون ((لَبَّيْكَ حَجًّا حَقًّا، تَعَبُّدًا وَرِقًّا)) (٣)، فسمعهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليهم، ولازم تلبيته عليه الصلاة والسلام، فدل على أن الأفضل تلبية النبي صلى الله عليه وسلم، وإن زاد فلا حرج.

وقوله: ((فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا)) الرَّمَل هو: الإسراع في المشي، مع مقاربة الخطى في الأشواط الثلاثة الأولى، والاضطباع، أي: كشف الكتف الأيمن، فجعل وسط ردائه تحت عاتقه الأيسر، وطرفيه على عاتقه، فلما انتهى من الطواف نفذ إلى مقام إبراهيمَ، وقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}؛ لبيان أنه يعمل بالآية، ويمتثل أمر الله عز وجل.

وقوله: ((كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، وَ {قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}) أي: بعد الفاتحة؛ لبيان أن المسلم إنما يعبد الله، ولا يعبد الكعبة، وإن قرأ بغير السورتين فلا حرج، أو صلاهما في غير هذا المكان فلا حرج-أيضًا.

وقوله: ((ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ


(١) أخرجه البخاري (١٥٣٤).
(٢) أخرجه مسلم (١١٨٥).
(٣) أخرجه البزار في مسنده (٦٨٠٤) البحر الزخار.

<<  <  ج: ص:  >  >>