للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفجر بمزدلفة، فقال: ((جِئْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مِنْ جَبَلِ طَيِّئٍ أَكْلَلْتُ مَطِيَّتِي، وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي، وَاللهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ حَبْلٍ إِلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ، فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَدْرَكَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَأَتَى عَرَفَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ)) (١).

فقوله: ((لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا)) أُخذ منه أن مبدأ الوقوف يوم عرفة، وهو من طلوع الشمس إلى طلوع الفجر من يوم النحر، وفي هذه المسألة قولان:

القول الأول: للحنابلة، وهو أن الوقوف يوم عرفة من طلوع الشمس إلى طلوع الفجر من يوم النحر.

القول الثاني: وهو مذهب جمهور العلماء أن وقت الوقوف يبدأ من زوال الشمس إلى غروبها، ويمتد إلى طلوع الفجر لمن جاء متأخرًا (٢)، وقالوا: إن حديث عروة بن مضرس رضي الله عنه فَسَّره فعلُ النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما وقف إلا بعد الزوال.

ثمرة الخلاف: لو أن شخصًا وقف بعرفة قبل الظهر، ثُمَّ انصرف ولم يرجع هل يصح حجه، أو لا؟

عند الحنابلة: يصح؛ لأنه أدرك الوقوف في وقته.

وعند الجمهور: لا يصح؛ لأنه لم يدرك وقت الوقوف.

وهذا الموقف ينبغي الإكثار فيه من الدعاء، والتضرع، والابتهال إلى الله عز وجل؛ لأنه يوم عظيم وعشية عظيمة، ينزل فيها الرب إلى السماء الدنيا، ويباهي بأهل الموقف ملائكته، وفي الحديث: ((إِنَّ اللهَ عز وجل لَيُبَاهِي الْمَلَائِكَةَ بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا)) (٣).


(١) أخرجه أحمد (١٨٣٠٠)، وأبو داود (١٩٥٠)، والنسائي (٣٠٤٣)، وابن ماجه (٣٠١٦).
(٢) بدائع الصنائع، للكاساني (٢/ ١٢٥) , حاشية الدر المختار، لابن عابدين (٢/ ٤٦٧)، الشرح الكبير، للدردير (٢/ ٢١)، المجموع، للنووي (٨/ ٩٤).
(٣) أخرجه أحمد (٨٠٤٧)، وابن خزيمة (٢٨٣٩)، وابن حبان (٣٨٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>