للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فينصرف الناس من هذا الموقف وقد غُفرت ذنوبهم، ورجعوا كيوم ولدتهم أمهاتهم.

وقوله: ((كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتَّى تَصْعَدَ) يعني: كلما أتى الرمال المرتفعة أرخى عليها قليلًا حتى تصعد، وإذا كان هناك مضيق شد الزمام حتى لا تسرع.

وقوله: ((مَرَّتْ بِهِ ظُعُنٌ يَجْرِينَ)) الظُّعُنُ: جمع ظعينة، والظعينة أصلها: الناقة التي عليها المرأة، والمراد: مرت نساء يجرين، فجعل الفضل رضي الله عنه ينظر إليهن، وكان رجلًا وسيمًا، وجعلن ينظرن إليه، ((فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ)) فهذا فيه إنكار المنكر وتغييره باليد مع القدرة عليه، وفي الحديث الآخر: ((فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ)) (١).

وقوله: ((يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ)) الحصاة تكون أكبر من الحمصة قليلًا، أي: مثل حبة الفول، أو مثل بعرة الغنم، أما الرمي بالحجارة الكبار فهذا من الغلو، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّمَا جُعِلَ رَمْيُ الْجِمَارِ وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّه)) (٢)، فلا بد للإنسان أن يتأدب ويذكر الله، ويتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويبتعد عن الأعمال السيئة.

وقوله: ((حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ) أي: وهو واقف على راحلته عليه الصلاة والسلام، وكان ذلك يوم جمعة، ولم يؤذن قبل الخطبة، فدل على أنه لم يُصَلِّها جمعةً، فخطب خطبة عظيمة قرر فيها قواعد التوحيد، وهدم فيها الشرك، وحث الناس على لزوم الكتاب والسنة، ونهاهم عن القتال، وقال: ((لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ


(١) أخرجه البخاري (١٥١٣)، ومسلم (١٣٣٤).
(٢) أخرجه أحمد (٢٤٣٥١)، وأبو داود (١٨٨٨)، والترمذي (٩٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>