للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَلِكَ سُنَّةً فِي آبَائِهِمْ، مَنْ أَحْرَمَ لِمَنَاةَ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَإِنَّهُمْ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ حِينَ أَسْلَمُوا، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل- فِي ذَلِكَ-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}.

[١٢٧٨] وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَتِ الْأَنْصَارُ يَكْرَهُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ، حَتَّى نَزَلَتْ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}.

[خ: ١٦٤٨]

قولها: ((مَا أَتَمَّ اللهُ حَجَّ امْرِئٍ، وَلَا عُمْرَتَهُ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ)) لأن الطواف بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج، وفي اللفظ الآخر: ((فَلَعَمْرِي، مَا أَتَمَّ اللهُ حَجَّ مَنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) وقولها: ((لَعَمْرِي)) تأكيد للقسم، لتأكيد الكلام، أما قول الله تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} فهذا قسم من الله بحياة النبي صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه وتعالى له أن يقسم بما شاء من مخلوقاته.

وقولها: ((يُقَالُ لَهُمَا: إِسَافٌ، وَنَائِلَةُ)) قيل: إن إسافًا اسم لرجل، ونائلة اسم لأمرأة، زنيا في الكعبة، فمسخهما الله سبحانه وتعالى حجرين، فأخرجوهما ونصبوهما عند الكعبة، وقيل: بل على الصفا والمروة ليُعتبر بهما ويتعظ، ثُمَّ عبدا بعدُ، فلما فتح النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكةَ كسرهما (١).

أما قوله: ((عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ)) قال القاضي عياض: ((قوله: ((لِصَنَمَيْنِ عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ))، وهَمٌ، فإنهما ما كانا قطُّ على شطِّ البحر، وإنما كانا على الصفا والمروة، إنما كانت (مناة) مما يلي جهة البحر)) (٢).


(١) إكمال المعلم، للقاضي عياض (٤/ ٣٥٣).
(٢) إكمال المعلم، للقاضي عياض (٤/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>