القول الثاني - وهو الصواب-: أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل، كما جاء في الأحاديث؛ ولهذا اختلف العلماء في المراد بالاستثناء في قوله:((إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ)) على حسب اختلافهم في مكة والمدينة أيتهما أفضل.
قال النووي رحمه الله تعالى:((قوله: عن ميمونة رضي الله عنها إنها أفتت امرأة نذرت الصلاة في بيت المقدس أن تصلي في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، واستدلت بالحديث، هذه الدلالة ظاهرة، وهذا حجة لأصح الأقوال في مذهبنا في هذه المسألة، فإنه إذا نذر صلاة في مسجد المدينة، أو الأقصى هل تتعين؟ فيه قولان، الأصح: تتعين، فلا تجزئه تلك الصلاة في غيره، والثاني: لا تتعين، بل تجزئه تلك الصلاة حيث صلى، فإذا قلنا: تتعين، فنذرها في أحد هذين المسجدين، ثُمَّ أراد أن يصليها في الآخر ففيه ثلاثة أقوال:
أحدها: يجوز
الثاني: لا يجوز
الثالث: - وهو الأصح- إن نذرها في الأقصى جاز العدول إلى مسجد المدينة دون عكسه، والله أعلم)) (١).
وقال:((قوله صلى الله عليه وسلم: ((صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ)): اختلف العلماء في المراد بهذا الاستثناء على حسب اختلافهم في مكة والمدينة أيتهما أفضل، ومذهب الشافعي وجماهير العلماء أن مكة أفضل من المدينة، وأن مسجد مكة أفضل من مسجد المدينة، وعكسه مالك وطائفة، فعند الشافعي والجمهور: معناه: إلا المسجد الحرام؛ فإن الصلاة فيه أفضل من الصلاة في مسجدي، وعند مالك وموافقيه: إلا المسجد الحرام، فإن الصلاة في مسجدي تفضله بدون الألف.
قال القاضي عياض: أجمعوا على أن موضع قبره صلى الله عليه وسلم أفضل بقاع الأرض،