للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني وغيب الحشفة في الفرج فقد حصلت العُسيلة؛ فهي كناية عن لذة الجماع، وذهب الحسن البصري رحمه الله أنه لا بد من الإنزال (١)، والصواب: أنه لا يشترط.

وفي هذا الحديث: أنه لا بأس أن تتكلم المرأة بمثل هذه الأمور؛ للحاجة إلى ذلك.

وفيه: أن صوت المرأة ليس بعورة، وأن لها أن تسأل عما أُشكل عليها، كما كانت النساء تفعل ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما الممنوع هو خضوع المرأة بالقول، وترقيق صوتها وترخيمه؛ لما فيه من الفتنة، كما قال تعالى: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}.

وفيه: أنه لما طلق رفاعة امرأته الطلقة الثالثة تزوجها عبد الرحمن بن الزُّبِير، لكنه لم يدخل بها؛ ولهذا قالت: ((وَإِنَّ مَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْب))، وأشارت إلى طرف هدبة ثوبها، يعني: طرفه الذي لم ينسج، والمعنى: أنه لا ينتشر.

وفيه: دليل على أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثًا، فإنها لا تحل له حتى تنكح زوجًا آخر، ويجامعها الزوج الثاني، ويكون نكاحه نكاحَ رغبةٍ، لا نكاحَ تحليلٍ، فإن كان نكاحه لها نكاحَ تحليلٍ فإنها لا تحل للأول؛ لأن المحلل هو التيس المستعار، وهو ملعون، ففي الحديث: ((لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ)) (٢)، فإذا تواطأت المرأة مع زوج آخر يحللها، أو تواطأ الزوج الأول، أو تواطأ وليها، فلا تحل للأول، وكذلك إذا نكحها نكاحَ شبهةٍ، أو زنا، لا تحل له، وكذلك إذا تزوجها ولم يدخل بها لا تحل للأول، وهذا هو الصواب الذي عليه جماهير أهل العلم، وشذَّ سعيد بن المسيب رحمه الله،


(١) فتح الباري، لابن حجر (٩/ ٤٦٦).
(٢) أخرجه أحمد (١٣٦٤)، وأبو داود (٢٠٧٦)، والترمذي (١١١٩)، وابن ماجه (١٩٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>