يُرد إلى المحكم، والقاعدة: أن النصوص المشتبهة ترد إلى المحكمة، ولا يتعلق بمشتبه إلا أهل الزيغ، كما قال الله تعالى:{فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله}، فأهل الزيغ تعلقوا بالمشتبه، وتركوا المحكم الواضح، وأهل الحق يرُدُّون المشتبه إلى المحكم.
وهذا مشتبه نرده إلى محكم نصوصه، وقد دلت النصوص المُحكمة على أن الإنسان لا يكفر بالمعاصي، فالعاصي تحت المشيئة، قال الله تعالى:{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء}، وتواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان، والقاتل نفسه لا يعتبر كافرًا إذا لم يستحله، فيكون الخلود والتأبيد له نهاية.
[١١٠] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامِ بْنِ أَبِي سَلَّامٍ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ أَبَا قِلَابَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلَامِ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فِي شَيْءٍ لَا يَمْلِكُهُ)).
هذا الحديث دل على ثلاثة أحكام:
الأول:((مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلَامِ كَاذِبًا، فَهُوَ كَمَا قَالَ)): كأن يقول: هو يهودي إن لم يفعل كذا، أو هو نصراني إن فعل كذا، فإن كان يعتقد الكفر فهو كافر، أما إذا كان لا يعتقد فإنه لا يكفر، وإنما يكون مرتكبًا لكبيرة من كبائر الذنوب، ويكون هذا من المشتبه- أيضًا- الذي يرد إلى