للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من منهج عائشة رضي الله عنها، فقد ذهبا إلى أن من كانت حالته مثل حال سهلة وسالم- مولى أبي حذيفة- رضي الله عنهما فلا بأس أن ترضعه، فيصير ابنًا لها، ولكن رأي شيخ الإسلام رحمه الله هنا ضعيف، وكذلك- قول عائشة رضي الله عنها، والصواب مع الجمهور؛ ورضاع الكبير فتحٌ لباب الشرور والفتن، ولا سيما في هذا الزمن، ولو قيل بهذا لصارت بعض النساء تدعي أنها أرضعت خادمًا عندها، أو سائقَ سيارةٍ، وصار يدخل على النساء فيكون من أسباب الفواحش، وإذا قيل له: كيف أدخلتِهِ؟ قالت: أرضعته خمس رضعات، ويذهب ببنتها إلى حيث شاء، ويقول: إنه مَحْرَمٌ؛ لأنه أخوها من الرضاعة، فتحصل الفواحش والشرور.

والصواب: ما ذهب إليه الجماهير، أنه لا يحرم إلا ما كان في الحولين، والأحاديث هنا صريحة: ((لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ)) (١)، و ((لا يُحَرِّمُ مِنَ الرِّضَاعَةِ إِلَاّ مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ فِي الثَّدْيِ، وَكَانَ قَبْلَ الفِطَامِ)) (٢)، و ((فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ))، وهذه الأحاديث محكمة واضحة، أما قصة سالم فهي مستثناة، وخاصة بسالم وسهلة.

وزاد أبو حنيفة على هذا نصفَ سنة (٣)، فعنده مدة الرضاعة: سنتان ونصف، ولنا قول الله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}.


(١) أخرجه البيهقي في الكبرى (١٥٦٦٩).
(٢) أخرجه الترمذي (١١٥٢)، والنسائي في الكبرى (٥٤٤١).
(٣) الدر المختار وحاشية ابن عابدين، لابن عابدين (٣/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>