للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: إن الآية إنما هي في القسم بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الله سبحانه وتعالى لم يوجب عليه أن يقسم بين أزواجه، ويكون المعنى: {ترجي من تشاء منهن} يعني: فلا تقسم لها، {وتؤوي إليك من تشاء} فتقسم لها.

وقيل: إنها في الأمرين، ولعل هذا هو الأرجح، كما استظهره الحافظ ابن كثير رحمه الله (١)، وبهذا تقر أعين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ويرضين بذلك إذا رأينه يقسم، مع أنه ليس بواجب عليه القسم؛ ولهذا قال الله عز وجل: {ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزنن ويرضين بما آتيتهن كلهن}، فإذا كان الله لم يوجب عليه العدل، ولم يوجب عليه القسم، وهو مع هذا يقسم، فإنه تقر أعينهن بذلك ويرضين بما آتاهن.

وهناك عدد من النساء وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم، ولما قالت ابنة أنس بن مالك: ((مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا، وَا سَوْأَتَاهْ! وَا سَوْأَتَاهْ! قَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ، رَغِبَتْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا)) (٢).

أما غير النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز أن تهب المرأة نفسها له، ولا بد من المهر والولي والشهود، ولا تتولى المرأة العقد لنفسها، ففي الحديث: ((لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا)). (٣)


(١) تفسير ابن كثير (٦/ ٤٤٦).
(٢) أخرجه البخاري (٥١٢٠).
(٣) أخرجه ابن ماجه (١٨٨٢)، والبيهقي في الكبرى (١٣٦٣٢)، والدارقطني (٣٥٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>