للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: ((إِذَا قَدِمْتَ فَالْكَيْسَ الْكَيْسَ)) الكيس يعني: الجماع؛ ويطلق كذلك على العقل، والمعنى: الحث على ابتغاء الولد.

وقوله: ((فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَكُفُّهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) أي: من سرعة سيره، فأصبح يمنعه من السرعة بعد أن كان بطيئًا.

قوله: ((وَأَنَا عَلَى نَاضِحٍ)) الناضح: البعير الذي يسقى عليه الماء (١).

في هذه الأحاديث: علامة من علامات النبوة، فهذا البعير بطيء لا يمشي، فأتعب جابرًا، وتخلف عن الناس، فلحقه النبي صلى الله عليه وسلم، فنخسه بمحجنه، يعني: بعصا في طرفها حديدة، فأسرع في السير حتى تقدم على القوم.

مسألة: قوله: ((أَمْهِلُوا حَتَّى نَدْخُلَ لَيْلًا) ظاهره التعارض مع حديث: ((نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَطْرُقَ أَهْلَهُ لَيْلًا)) (٢)، والجمع بينهما: أن أهليهم قد بلغهم الخبر في النهار، فقال: أمهلوا حتى ندخل عشاء، وفي حديث النهي عن الطرق ليلًا هذا إذا لم يبلغهم الخبر؛ فلا يجوز أن يدخل فجأة، لتمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة، وتغتسل، وتلبس ثيابًا نظيفة، وحديث النهي عن الطرق ليلًا محمول على الكراهة؛ فإذا اتصل بالهاتف - مثلًا- أو بأية وسيلة من وسائل الاتصال، وأخبرهم أنه سيأتي ليلًا فلا حرج، ويزول المحظور.

وفيها: بيان حسن خلقه صلى الله عليه وسلم، وملاطفته أصحابه، وسؤاله عن حالهم.

وقوله: ((خُذْ جَمَلَكَ وَلَكَ ثَمَنُهُ))؛ لأنه ليس المقصود شراء الجمل، وإنما المقصود أن يُعَلِّم الأُمَّةَ البيعَ والشراءَ، وحسن الخلق، والكرم والجود من خلال هذا الموقف.

وقوله: ((وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ)): لعل بغضه له لأنه زال من نفسه التعلق به؛ لكون النبي صلى الله عليه وسلم قد اشتراه.


(١) النهاية، لابن الأثير (٥/ ٦٩).
(٢) أخرجه البخاري (١٨٠١)، ومسلم (٧١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>