وقوله:((وَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْرًا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِنَّ مَا أَنْزَلَ، وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ)): فيه: أنهم كانوا في الجاهلية يمتهنون المرأة، ويعتبرونها سلعة، ولا يورثون الصبيان، ولا النساء، ويقولون: إنما يرث الرجال الذين يحملون السلاح، ويدافعون عن القبيلة، أما النساء والأطفال فليس لهم شيء من الميراث، وكانت المرأة إذا توفي عنها زوجها جاء أحد أقاربها وألقى عليها ثوبًا وحماها، ثم بعد ذلك إن شاؤوا زوجوها منهم، وإن شاؤوا عضلوها؛ فلما جاء الإسلام كرَّمها، وأعزَّها، وصانها، وحفظها، وجعلها حرة، وجعل لها التصرف والميراث، وجعلها شقيقة الرجل، إلا فيما يخصها، فجعل لها أحكامًا تخصها فيما تخالف فيه الرجال.
وقوله:((إِذْ قَالَت لِي امْرَأَتِي: لَوْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذَا فَقُلْتُ لَهَا: وَمَا لَكِ أَنْتِ وَلِمَا هَهُنَا، وَمَا تَكَلُّفُكِ فِي أَمْرٍ أُرِيدُهُ؟ )): فيه: أن قريشًا كانوا لا يشاورون النساء ولا يعدونهم شيئًا، وكانت نساء الأنصار تغلبهم، وقريش يغلبون نساءهم؛ فلما عرضت زوجة عمر عليه أمرًا، قال: ما لك ولشؤوني؛ فقالت: سبحان الله، أنت لا تريد أن نتكلم في شيء، ونساء النبي صلى الله عليه وسلم تغضبه إحداهن إلى الليل؟ !
وقوله:((فقَالَت لِي: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، مَا تُرِيدُ أَنْ تُرَاجَعَ أَنْتَ، وَإِنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ))؛ لأن عمر رضي الله عنه لم يكن قد علم عن هذا شيئًا، فلما راجعته امرأته أنكر عليها، فقالت: عجبًا لك يا ابن الخطاب، ابنتك حفصة تراجع النبي صلى الله عليه وسلم فيظل غضبان، فلما قالت هذا الكلام قام من ساعته، وذهب إلى ابنته حفصة رضي الله عنها ينكر عليها كونها تراجع النبي صلى الله عليه وسلم، حتى يظل غضبانَ إلى الليل.
وقوله:((قَالَ عُمَرُ: فَآخُذُ رِدَائِي ثُمَّ أَخْرُجُ مَكَانِي حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى حَفْصَةَ)): والرداء ما يوضع على الكتفين كالمحرم في الحج، أو العمرة، الإزار ما يشد به النصف الأسفل، وعادة العرب لبس الإزار والرداء، وكأنه في البيت