للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: ((قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، وَالْمُسْلِمُونَ يَنْكُتُونَ بِالْحَصَى)): هذا من الهم الذي أصابهم؛ فقد شق عليهم خبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقد شاع في الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق نسائه رضي الله عنهن؛ وذلك لأنهن اجتمعن عليه يسألنه النفقة، وليس عنده شيء، فشق عليه ذلك فاعتزلهن- من باب التأديب لهن- شهرًا في المشربة في غرفة وحده، حتى مر تسعة وعشرون يومًا، فجاء عمر ليعرف الخبر.

وقوله: ((فقَالَ عُمَرُ: فَقُلْتُ: لَأَعْلَمَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، أَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقَالَت: مَا لِي وَمَا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، عَلَيْكَ بِعَيْبَتِكَ)): هذا من نصح عمر رضي الله عنه، ينصح أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فزار عائشة رضي الله عنها، وقال لها: ما لكِ تؤذين الرسول، تسألين النفقة وما عنده شيء؟ ! فقالت له: ((عَلَيْكَ بِعَيْبَتِك) أي: اذهب إلى ابنتك، فذهب إلى ابنته حفصة رضي الله عنها، ثم ذهب إلى أم سلمة رضي الله عنها، فقالت له قولًا أشدَّ.

وقوله: ((قَاعِدًا عَلَى أُسْكُفَّةِ الْمَشْرُبَةِ) يعني: على عتبة المشربة، كان الباب فيه درج من خشب ينزل على الغرفة، وعليه بواب، وهو رباح؛ فلا يدخل أحد حتى يستأذن له، وأحيانًا يأتي أحدهم من نفسه متطوعًا؛ ليكون حاجبًا للنبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله: ((فَنَظَرْتُ بِبَصَرِي فِي خِزَانَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ، وَمِثْلِهَا قَرَظًا فِي نَاحِيَةِ الْغُرْفَةِ، وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ، قَالَ: فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ قَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ )): الأَفِيق: الجلد الذي لم يتم دباغه (١).

والمعنى: أنه ما في الغرفة إلا صاع من شعير، وقرظ- وهو ما يدبغ به الجلد-، فبكى عمر رضي الله عنه مما رأى من حاله، وقد نام على حصير ما عليه إلا إزار واحد، والحصير قد أثر في جنبه صلى الله عليه وسلم، والغرفة ما فيها طعام ولا لباس،


(١) النهاية، لابن الأثير (١/ ٥٥)، لسان العرب، لابن منظور (١٠/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>