صلى الله عليه وسلم طلق نساءه وشق ذلك عليهم، فأنزل الله هذه الآية:{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أو الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}، والذي استنبطه هو عمر رضي الله عنه؛ لأنه رد الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء وسأل نبي صلى الله عليه وسلم، قال:((يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَطَلَّقْتَهُنَّ؟ قَالَ: لَا))، فكبَّر.
وقوله:((فَانْطَلَقْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ فَجَلَسْتُ، فَإِذَا عَنْدَهُ رَهْطٌ جُلُوسٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ قَلِيلًا))، أي: أنهم سمعوا بالخبر، فصار يبكي بعضهم لبعض، حزنًا على ما حصل لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله:((فَصَمَتَ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا، فَإِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِي، فقَالَ: ادْخُلْ فَقَدْ أَذِنَ لَكَ، فَدَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)): ولى عمر مدبرًا؛ لأنه لم يُؤذن له، وخشي أن يكون شق على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جاء الإذن، فدخل، وسلم، وفيه: مشروعية السلام عند الدخول.
وقوله:((فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْسَمُ مِنْكِ)): قال عمر: جارتك، ولم يقل: ضرتك، من باب اختيار اللفظ الحسن.
وقوله:((فَقُلْتُ: أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ))، يعني: أجلس مستأنسًا يا رسول الله؟ فقد يكون الإنسان في بيته له حاجة، فلا ينبغي للضيف أن يثقل عليه حتى يستأذن، قال: أستأنس يا رسول الله؟ يعني: هل أنت مرتاح؟ ليس هناك شيء يشغلك، أم أخرج؟ وبعض الناس قد يأتي لصاحبه في بيته، فيتعبه ويشق عليه، وهو قد يكون مشغولًا، وقد يكون له حاجة مهمة تتعلق ببيته، أو تتعلق بشؤونه، أو تتعلق بمصالح الناس، فيأتي بعض الناس فيؤذيه، وليس له حاجة إلا الكلام، ويجلس وقتًا طويلًا؛ فينبغي للإنسان أن يراعي هذه الأحوال.