للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيجوز للقبيلية أن تتزوج حضريًّا وبالعكس؛ وهذا عند كثير من الناس أمر شديد؛ ولهذا لما عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على فاطمة بنت قيس الزواج بأسامة تلكأت وكرهته؛ لأنه مولًى أسودُ، فكرر عليها الرسول صلى الله عليه وسلم النصيحة حتى اقتنعت، فنكحته واغتبطت به.

وكذلك- أيضًا- نكحت ضُباعة بنت الزبير بن عبد المطلب المقداد بن الأسود (١)، وكذلك زوَّج أبو حذيفة مولاه سالمًا من بنت أخيه (٢)، فالمهم في الكفاءة أن يُرْضَى خُلُقُه ودينُهُ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَأَمَانَتَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ)) (٣).

وقوله: ((اعْتَدِّي عَنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ))؛ لأنه كان ابن عمها، وأهله معه في بيته، فهو لا يخلو بفاطمة بنت قيس رضي الله عنها.

وفيه: أنه لا يجب على المرأة أن تحتجب عن الأعمى؛ لأنه لا يبصر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((اعْتَدِّي عَنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ؛ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ)).

وأما حديث نبهان عن أم سلمة ضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأتين من أزواجه لما دخل عليهما ابن أم مكتوم رضي الله عنه: ((احْتَجِبَا مِنْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ هُوَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا وَلَا يَعْرِفُنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا؟ أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ؟ )(٤) وقد رواه أبو داود والترمذي، فهو حديث ضعيف لا يقاوم الحديث الصحيح؛ لأن نبهان مولى أم سلمة فيه جهالة، خلافًا للنووي، الذي حسَّن حديث نبهان (٥)، وكذلك فهو- أيضًا- انفرد بالرواية عن أم سلمة، ثم إنه لو صح فهو حديث مخالف لما في صحيح مسلم، وهو


(١) الطبقات الكبرى، لابن سعد (٣/ ١٦٢).
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٨٨).
(٣) أخرجه الترمذي (١٠٨٤)، وابن ماجه (١٩٦٧).
(٤) أخرجه أحمد (٢٦٥٣٧)، وأبو داود (٤١١٢)، والترمذي (٢٧٧٨).
(٥) شرح مسلم، للنووي (١٠/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>