للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في هذا الحديث: أنه في اللفظ الأول قال: ((طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ) والبتة: يعني: ثلاثًا، وهنا: ((طَلَّقَهَا ثَلَاثًا))، ويحمل على أنه طلقها قبل ذلك طلقتين، وهذه الثالثة، فصارت بائنة بينونة كبرى، ولا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره، وهل لها النفقة؟ في المسألة قولان:

الأول: أنها ليس لها نفقة ولا كسوة، وهذا هو الصواب.

والثاني: أن لها النفقة والكسوة، وقد قال بهذا بعض الصحابة، منهم: عمر رضي الله عنه، وعائشة رضي الله عنها، وقال عمر رضي الله عنه: ((لَا نَدَعُ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَعَلَّهَا نَسِيَتْ)) (١) - يقصدون: فاطمة-، وقد خفيت عليهم السنة في ذلك، والصواب مع فاطمة.

والثالث: إن لها السكنى، وليس لها النفقة؛ لقوله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم} لكن الصحيح أن هذا في الرجعية (٢).

وقوله: ((وَأَرْسَلَ إِلَيْهَا أَنْ لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ، وَأَمَرَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ)): هذا تعريض بالخطبة؛ ولا بأس بالتعريض بها للمطلقة البائن دون التصريح، قال تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ}، وهو بأن تخرج من العدة.

أما الرجعية فلا يجوز لا تعريضًا ولا تصريحًا؛ لأن الرجعية زوجة حتى تخرج من العدة، ولها النفقة والسكنى، ولا تخرج من البيت، وما تفعله بعض النساء بمجرد أن تسمع الطلاق تخرج من بيتها فهذا غلط، وعليها أن تبقى في بيتها، فقد يراجعها زوجها، {لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا}، ولا تُخرَج من بيتها إلا إذا كانت مؤذية بلسانها.


(١) أخرجه أحمد (٣٧٣٣٨).
(٢) شرح مسلم، للنووي (١٠/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>