هذا كتاب اللعان، واللعان هو: الملاعنة، والتلاعن، وهو: ما يكون بين الرجل وامرأته من الشهادات والأيمان إذا قذفها، وسمي لعانًا لأن الرجل يلعن نفسه في الشهادة الآخرة إن كان من الكاذبين، فسمي بذلك تغليبًا، وإلا فالمرأة تدعو على نفسها بالغضب إن كان زوجها من الصادقين.
واللعان شرعه الله سبحانه وتعالى مخرجًا للزوج إذا قذف امرأته بالزنا- والعياذ بالله- من إقامة حد القذف، وقد نزلت الآيات الكريمات من أول سورة النور بين الله سبحانه وتعالى فيها كيف يكون اللعان، وذلك أنه إذا رمى رجل زوجته بالزنا وليس عنده شهود جعل الله تعالى الأيمان لتقوم مقام الشهود، فيشهد أربع شهادات بالله؛ يقول: أشهد بالله لقد زنت امرأتي هذه، ويخاطبها أربع مرات، ثُمَّ في الخامسة يقول: إن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وفي هذه الحالة إذا لاعن فقد سَلِمَ من إقامة الحد عليه، ثُمَّ بعد ذلك تُوجَّه الأيمان إلى المرأة، فإن نكلت يقام عليها حد الزنا، وهو الرجم لكونها محصنة، وإن قبلت فتشهد أربع شهادات بالله أنه كاذب، وتقول: أشهد بالله لقد كذب عليَّ زوجي فيما رماني به من الزنا، أربع مرات، ثُمَّ في الشهادة الخامسة تقول: إنَّ غضب الله عليها إن كان من الصادقين، وبعد الأيمان يُفرَّق بينهما تفريقًا مؤبدًا، كما في الحديث:((فَكَانَتْ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ)).
واختلف العلماء في سبب نزول هذه الآيات، هل نزلت في عويمر العجلاني، أم نزلت في هلال بن أمية عندما قذف امرأته بشريك بن سحماء، فقيل: نزلت في هلال، وقيل: نزلت في عويمر، ويحتمل أنها نزلت فيهما معًا، وأن أحدهما سبق الآخر.
وقوله:((فَطَلَّقَهَا))، يعني: طلقها ثلاثًا قبل أن يأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك،