للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

موجدة عائشة- فلا يستقيم بهذا شيء، ويحتمل أن يكون الراوي قد أخبر به عن عائشة، ويؤيده ما وقع في بعض النسخ ((فقلت)) مكان ((قالت))، فعلى هذا يكون من قول عائشة، ويكون معناه: أن أهل بريرة إنما أبوا اشتراط الولاء لها، فامتنعت من الشراء والعتق لأجل الشرط، وأقسمت على ذلك بقولها: ((لاها الله إذًا)) والرواية مشهورة في هذا اللفظ بالمد، وبإثبات ((إذًا)) وهي حرف جواب.

وفي رواية أخرى: ((لاها الله ذا)) بقصرها وإسقاط الهمزة من ((إذًا))، وصوب ذلك جماعة من أهل العلم، منهم: الخطابي (١).

قال النووي: ((قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: هَذَانِ لَحْنَانِ، وَصَوَابُهُ: (لَاهَا اللهِ ذَا) بِالْقَصْرِ فِي (هَا) وَحَذْفِ الْأَلِفِ مِنْ (إِذَا) قَالُوا: وَمَا سِوَاهُ خَطَأٌ. وَمَعْنَاهُ: (ذَا يَمِينِي) وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ: أَنَّ الصَّوَابَ: (لَاهَا اللهِ ذَا) بِحَذْفِ الْأَلِفِ، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ: يَجُوزُ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ فِي (هَا)، وَكُلُّهُمْ يُنْكِرُونَ الْأَلِفَ فِي (إِذَا) وَيَقُولُونَ: صَوَابُهُ: (ذَا). قَالُوا: وَلَيْسَتِ الْأَلِفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ: جَاءَ فِي الْقَسَمِ (لَاهَاءَ اللهِ) قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُهُ بِالْهَمْزَةِ، وَالْقِيَاسُ تَرْكُهُ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ: (لَا وَاللهِ هَذَا مَا أُقْسِمُ بِهِ)، فَأَدْخَلَ اسْمَ اللهِ تَعَالَى بَيْنَ (هَا وَذَا))). (٢)

قلت: ويظهر لي أن الرواية المشهورة صواب، وليست بخطأ، ووجه ذلك: أن هذا الكلام قسم على جواب إحداهما عن الأخرى على ما قررناه آنفًا، والهاء هنا هي التي يعوض بها عن باء القسم، فإن العرب تقول: هاء الله لأفعلن، ممدودة الهمزة ومقصورتها، ثُمَّ إنهم عوضوا عن الهمزة بهاء، وقالوا: ها الله؛ لتقارب مخرجيهما، كما قد أبدلوها في قولهم:


(١) أعلام الحديث، للخطابي (٢/ ١٤٥٧).
(٢) شرح مسلم، للنووي (١٠/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>